بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، فَالسَّفِيهُ بِلَا حَجْرٍ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ جَزْمًا وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (لَا مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَصَبِيٍّ) أَيْ لَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. (وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ، (وَلَا رَقِيقٍ) أَيْ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، (وَقِيلَ إنْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ) لِإِمْكَانِ تَنْفِيذِهَا، وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ
. (وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا تَكُونَ مَعْصِيَةً كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) مِنْ كَافِرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهَا، وَتَصِحُّ لِغَيْرِهَا مِنْ قُرَبِهِ، وَجَائِزٍ كَعِمَارَةِ مَسْجِدٍ، وَفَكِّ أَسْرَى الْكُفَّارِ مِنْ أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ
(أَوْ) أَوْصَى (لِشَخْصٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (فَالشَّرْطُ أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ فَتَصِحُّ لِحَمْلٍ وَتُنَفَّذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (إنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَعُلِمَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهَا (فَإِنْ انْفَصِلْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ) مِنْهَا (وَالْمَرْأَةُ فِرَاشُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ) الْمُوصَى بِهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عِنْدَهَا وَلَا مُوَالَاةَ بِنَقْصِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (مَنْ كَانَ كَافِرًا) كَوَقْفِهِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ نَذْرِهِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا كَمَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ قَوْلُهُ: (صَادِقٌ بِالذِّمِّيِّ) وَكَذَا بِالْمُرْتَدِّ لَكِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى عَوْدِهِ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَطَلَتْ.
قَوْلُهُ: (الْحَرْبِيِّ) وَإِنْ اُسْتُرِقَّ بَعْدَهَا فَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِمَا يَأْتِي فِي الْمُكَاتَبِ كَذَا قَالُوهُ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إنْ قِيلَ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ، فَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِهَا وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا، وَهُوَ مَا تَقْتَضِيهِ الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَالِهِ إلَيْهِ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ، فَرَاجِعْهُ، وَإِنْ قِيلَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِاسْتِرْقَاقِهِ، فَلَا وَجْهَ لِبَقَائِهَا إنْ تَعَلَّقَتْ بِمَالِهِ، وَإِنْ عَادَ حُرًّا فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ فَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا، وَتُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ لَوْ عَادَ حُرًّا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ) فَذَكَرَهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَوْتِ) وَرُدَّ بِفَسَادِ عِبَارَتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ عَتَقَ إلَخْ) وَرُدَّ بِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ فِيهِ، فَلَا تَصِحُّ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ) نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ صَحَّتْ وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ مَعَ اسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَهَا، وَفِي صِحَّتِهَا مِنْهُ بِالْعِتْقِ تَرَدُّدٌ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر اعْتِمَادُ الصِّحَّةِ وَتَقَدَّمَ صِحَّتُهَا مِنْ الْمُبَعَّضِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي، فَلَا تَصِحُّ بِمَالِ أَجْنَبِيٍّ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: تَصِحُّ وَيَصِيرُ مُوصًى بِهِ إذَا مَلَكَهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) أَيْ لِتَعَبُّدِهِمْ فِيهَا وَلَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فَقَطْ وَلَوْ كُفَّارًا صَحَّتْ وَكَعَمَارَتِهَا نَحْوُ إسْرَاجِهَا. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهَا) أَيْ الْمَعْصِيَةِ شَمِلَ الْمَكْرُوهَ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهِ كَالْحَرَامِ. قَوْلُهُ: (وَجَائِزٍ) أَيْ مُبَاحٍ.
قَوْلُهُ: (أَيْ مُعَيَّنٍ) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ شَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْجِهَةَ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ، كَأَوْلَادِ زَيْدٍ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْمُهِمُّ كَ أَوْصَيْتُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ فَلَا تَصِحُّ نَعَمْ، إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ كَأَعْطُوهُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ صَحَّ، وَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّمْلِيكِ، وَلَيْسَ تَمْلِيكًا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَالشَّرْطُ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى عَدَمِ الْمَعْصِيَةِ وَالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْجِهَةِ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، فَيَخْرُجُ أَوْصَيْت لِخَادِمِ الْكَنِيسَةِ، أَوْ لِمَنْ يَرْتَدُّ بِخِلَافِ زَيْدٍ خَادِمِ الْكَنِيسَةِ، أَوْ زَيْدٍ الْمُرْتَدِّ فَتَصِحُّ لِبَقَائِهَا لَهُ، وَإِنْ زَالَ الْوَصْفُ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ: (أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ) أَيْ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِمَّنْ يَمْلِكُ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ بِهِ مَنْ سَيُحْدِثُ فَلَا تَصِحُّ لَهُ. قَالَ شَيْخُنَا م ر وَلَوْ تَبَعًا وَنُوزِعَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ تَبَعًا وَقَدْ يُفَرَّقُ لِدَوَامِ الْوَقْفِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَالْأَوْلَى الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ وَخَرَجَ بِهِ الْمَيِّتُ أَيْضًا، إلَّا فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مِلْكٍ نَحْوُ مَاءٍ، لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ أَوْ لِغُسْلِهِ، وَالْمُرَادُ الْأَوْلَوِيَّةُ فِي مَحَلِّ الْمُوصِي، أَوْ فِي مَحَلِّ الْمَالِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ فِي هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِمَيِّتٍ بَلْ هِيَ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ انْفَصَلَ) وَلَوْ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَلَا يَسْتَحِقُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَافِرًا) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُرْتَدِّ إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: وَنَازَعَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ، وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الرِّدَّةِ الصِّحَّةَ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا رَقِيقٍ) أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْوَصِيَّةَ حَيْثُ التَّوَارُثُ، وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّتَهَا مِنْهُ إذَا عَتَقَ قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ، فَلَا كَلَامَ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَتَبَرُّعَاتُهُ صَحِيحَةٌ بِالْإِذْنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِشَخْصٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ لِمَيِّتٍ نَعَمْ إنْ قَالَ اصْرِفُوا هَذَا الْمَاءَ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ، وَهُنَاكَ مَيِّتٌ قُدِّمَ عَلَى الْحَيِّ الْمُتَنَجِّسِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ يَقْبَلُ لَهُ.
فَائِدَةٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ الْمُوصَى لَهُ، أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هُنَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِلَّهِ تَعَالَى صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا مُبَالَاةَ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا إمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّ زَمَنَ الْعُلُوقِ مَحْسُوبٌ مِنْ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ، فَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ نَقْصُ مُكْثِ الْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ زَمَنٍ مِنْ الْعُلُوقِ مِنْ جُمْلَةِ السِّتَّةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا؛ لِأَنَّا إذَا مَشَيْنَا عَلَى مُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ، بِأَنْ حَسَبْنَا زَمَنَ مَنْ الْعُلُوقُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ لَا إشْكَالَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ لِأَزِيدَ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَلْتَبِسُ.