قال تعالى {كَلاّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} فأخبر الله تعالى أن كتابهم كتاب مرقوم تحقيقا لكونه مكتوبا كتابة حقيقية وخص تعالى كتاب الأبرار بإنه يكتب ويوقع لهم به بمشهد المقربين من الملائكة والنبي صلى الله عليه وسلمين وسادات المؤمنين ولم يذكر شهادة هؤلاء لكتاب الفجار تنويها بكتاب الأبرار وما وقع لهم به وإشهارا له وإظهارا بين خواص خلقه كما تكتب الملوك تواقيع من تعظمه بين الأمراء وخواص أهل المملكة تنويها باسم المكتوب له وإشادة بذكره وهذا نوع من صلاة الله سبحانه وتعالى وملائكته على عبده
وروى الإمام أحمد في مسنده وابن حبان وأبو عوانة الإسفرايني في صحيحهما من حديث المنهال عن زاذان عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبر وجلسنا حوله كأن على رؤسنا الطير وهو يلحد له فقال: "أعوذ بالله من عذاب القبر ثلاث مرات ثم قال إن المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا تنزلت إليه الملائكة كأن على وجوههم الشمس مع كل واحد منهم حنوط وكفن فجلسوا منه مد بصره ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها فلا يمرون بها يعني