قالوا لو كانت الجنة مخلوقة الآن لوجب اضطرار أن تفنى يوم القيامة وأن يهلك كل ما فيها ويموت لقوله تعالى {هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} و {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ} الْمَوْتِ فتموت الحور العين التي فيها والولدان وقد أخبر سبحانه أن الدار دار خلود ومن فيها مخلدون لا يموتون فيها وخبره سبحانه لا يجوز عليه خلف ولا نسخ
قالوا وقد روى الترمذي في جامعه من حديث ابن مسعود قال قال رسول الله:"لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقريء أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " قال هذا حديث حسن غريب
وفيه أيضا من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة" قال هذا حديث حسن صحيح
قالوا فلو كانت الجنة مخلوقة مفروغا منها لم تكن قيعانا ولم يكن لهذا الغرس معنى قالوا وقد قال تعالى عن امرأة فرعون إنها قالت: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} ومحال أن يقول قائل لمن نسج له ثوبا أو بنى له بيتا أنسج لي ثوبا وابن لي بيتا وأصرح من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة" متفق عليه
وهذه جملة مركبة من شرط وجزاء تقتضي وقوع الجزاء بعد الشرط بإجماع أهل العربية وهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعمرو بن عنبسة