حسن حذف الفاعل من قوله {قِيلَ ادْخُلُوا أبوابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} حتى كان الكون كله قائل ذلك لهم إذ هو حكمه العدل فيهم ومقتضى حكمته وحمده وأما أهل الجنة فقال تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} فهم لم يستحقوها بأعمالهم وإنما استحقوها بعفوه ورحمته وفضله فإذا اشهد سبحانه وتعالى ملائكته وخلقه كلهم حكمه العدل وحكمته الباهرة وضعه العقوبة حيث تشهد العقول والفطر والخليقة أنه أولى المواضع وأحقها بها وإن ذلك من كمال حمده الذي هو مقتضى أسمائه وصفاته وإن هذه النفوس الخبيثة الظالمة الفاجرة لا يليق بها غير ذلك ولا يحسن بها سواه بحيث تعترف بها هي من ذواتها بأنها أهل ذلك وإنها أولى به حصلت الحكمة التي لأجلها وجد الشر وموجباته في هذه الدار وتلك الدار وليس في الحكمة الإلهية إن الشرور تبقى دائما لا نهاية لها ولا انقطاع أبدا فتكون هي والخيرات في ذلك على حد سواء فهذا نهاية أقدام الفريقين في هذه المسألة ولعلك لا تظفر به في غير هذا الكتاب فان قيل فإلي أين أنهى قدمكم في هذه المسألة العظيمة الشأن التي هي اكبر من الدنيا بأضعاف مضاعفة قيل إلى قوله تبارك وتعالى {إِنَّ رَبَكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} وإلى هنا قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيها حيث ذكر دخول أهل الجنة