وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} الثالثة قوله {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} ولولا الأدلة القطعية الدالة على أبدية الجنة ودوامها لكان حكم الإستثنائين في الموضعين واحدا كيف وفي الآيتين من السياق ما يفرق بين الإستثنائين فانه قال في أهل النار {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} فعلمنا أنه الله سبحانه وتعالى يريد أن يفعل فعلا لم يخبرنا به وقال في أهل الجنة عطاء غير مجذوذ فعلمنا أن هذا العطاء والنعيم غير مقطوع عنهم أبدا فالعذاب موقت معلق والنعيم ليس بموقت ولا معلق

الوجه الثالث أنه قد ثبت أن الجنة لم يدخلها من لم يعمل خيرا قط من المعذبين الذين يخرجهم الله من النار وأما النار فلم يدخلها من لم يعمل سوءا قط ولا يعذب إلا من عصاه

الوجه الرابع أنه قد ثبت أن الله سبحانه وتعالى ينشئ للجنة خلقا آخر يوم القيامة يسكنهم إياها ولا يفعل ذلك بالنار وأما الحديث الذي قد ورد في صحيح البخاري من قوله وأما النار فينشئ الله لها خلقا آخرين فغلط وقع من بعض الرواة انقلب عليه الحديث وإنما هو ما ساقه البخاري في الباب نفسه وأما الجنة فينشئ الله لها خلقا آخرين ذكره البخاري رحمه الله مبينا أن الحديث انقلب لفظه على من رواه بخلاف هذا وهذا والمقصود أنه لا تقاس النار بالجنة في التأبيد مع هذه الفروق

يوضحه الوجه الخامس أن الجنة من موجب رحمته ورضاه والنار من غضبه وسخطه ورحمته سبحانه تغلب غضبه وتسبقه كما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015