وقوله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً} الآية يقول سبحانه وتعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات الله والشجر كلها أقلام لانكسرت الأقلام وفني ماء البحر وكلمات الله تعالى باقية لا يفنيها شيء لان أحدا لا يستطيع أن يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي بل هو كما أثنى على نفسه إن ربنا كما يقول وفوق ما يقول ثم إن مثل نعيم الدنيا أوله وآخره وفي نعيم الآخرة كحبة من خردل في خلال الأرض كلها فصل وأما أبدية النار ودوامها فقال فيها شيخ الإسلام فيها قولان معروفان عن السلف والخلف والنزاع في ذلك معروف عن التابعين قلت هاهنا أقوال سبعة احدها ان من دخلها لا يخرج منها أبدا بل كل من دخلها مخلد فيها أبد الآباد بإذن الله وهذا قول الخوارج والمعتزلة والثاني أن أهلها يعذبون فيها مدة ثم تنقلب عليهم وتبقى طبيعة نارية لهم يتلذذون بها لموافقتها لطبيعتهم وهذا قول إمام الاتحادية ابن عربي الطائي قال في فصوصه الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد بل بالتجاوز فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ولم يقل وعيده بل قال ويتجاوز عن سيئاتهم مع أنه توعد على ذلك وأثنى على اسماعيل بانه كان صادق الوعد وقد زال الامكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح
فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... وما لوعيد الحق عين تعاين
وان دخلوا دار الشقاء فانهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد والامر واحد ... وبينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ...
وذاك له كالقشر والقشر صاين