في ملكها والخلود في مقرها أتى باسم الإشارة بلفظ الحضور تقريبا لها وإحضارا لها عندهما وربهما تعالى قال لهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ولما أراد إخراجهما منها فأتى باسم الإشارة بلفظ البعد والغيبة كأنهما لم يبق لهما من الجنة حتى ولا مشاهدة الشجرة التي نهيا عنها وأيضا فإنه سبحانه قال: {إليه يصعد الكلم الطيب} ووسوسة اللعين من أخبث الكلم فلا تصعد إلى محل القدس.
قال منذر وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم" أن آدم عليه السلام نام في جنته" وجنة الخلد لا نوم فيها بالنص وإجماع المسلمين فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أينام أهل الجنة قال: " لا النوم أخو الموت والنوم وفاة " وقد نطق به القرآن والوفاة تقلب حال ودار السلام مسلمة من تقلب الأحوال والنائم ميت أو كالميت.
قلت الحديث الذي أشار إليه المعروف أنه موقوف من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد قال خلقت حواء من قصيري آدم وهو نائم.
وقال أسباط عن السدي أسكن آدم عليه السلام الجنة وكان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها فنام نومة فاستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه فسألها ما أنت قالت امرأة قال ولم خلقت قالت لتسكن إلي.
وقال ابن إسحاق عن ابن عباس ألقى الله على آدم عليه السلام السنة ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر ولأم مكانه لحما وآدم نائم لم يهب من نومته حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء فسواها امرأة يسكن إليها فلما كشف عنه السنة وهب من نومته رآها إلى جنبه فقال لحمي ودمي وروحي فسكن إليها.
قالوا ولا نزاع إن الله سبحانه وتعالى خلق آدم في الأرض ولم يذكر في موضع واحد أصلا أنه نقله إلى السماء بعد ذلك ولو كان قد نقله ذلك إلى السماء لكان هذا أولى بالذكر لأنه من أعظم الآيات ومن أعظم النعم عليه فإنه كان معراجا ببدنه وروحه من الأرض إلى فوق السماوات.