فصل
الدليل الرابع قوله تعالى: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} ووجه الاستدلال بها أنه سبحانه وتعالى جعل من أعظم عقوبة الكفار كونهم محجوبين عن رؤيته واستماع كلامه فلو لم يره المؤمنون ولم يسمعوا كلامه كانوا أيضا محجوبين عنه وقد احتج بهذه الحجة الشافعي نفسه وغيره من الأئمة فذكر الطبراني وغيره من المزي قال سمعت الشافعي يقول في قوله عز وجل: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فيها دليل على أن أولياء الله يرون ربهم يوم القيامة وقال الحاكم حدثنا الأصم أنبأنا الربيع بن سليمان قال حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها ما تقول في قول الله عز وجل: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فقال الشافعي لما أن حجب هؤلاء في السخط كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضي قال الربيع فقلت يا أبا عبد الله وبه تقول قال نعم وبه أدين الله ولو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى الله لما عبد الله عز وجل
ورواه الطبراني في شرح السنة من طريق الأصم أيضا وقال أبو زرعة الرازي سمعت احمد بن محمد بن الحسين يقول سئل محمد بن عبد الله ابن الحكم هل يرى الخلق كلهم ربهم يوم القيامة المؤمنون والكفار فقال محمد ابن عبد الله ليس يراه إلا المؤمنون قال ممد وسئل الشافعي عن الرؤية فقال يقول الله تعالى: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} ففي هذا دليل على أن المؤمنين لا يحجبون عن الله عز وجل