كالمدينة والنجم والبيت والكتاب ونظائرها فحيث ورد لفظها معرفا انصرف إلى الجنة المعهودة المعلومة في قلوب المؤمنين وأما أن أريد به جنة غيرها فإنها تجيء منكرة أو مقيدة بالإضافة أو مقيدة من السياق بما يدل على أنها جنة في الأرض:
فالأول كقوله: جنتين من أعناب.
والثاني: كقوله ولولا إذ دخلت جنتك. والثالث كقوله: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} .
قالوا: ومما يدل على أن جنة آدم هي جنة المآوى ما روى هوذة بن خليفة عن عوف عن قسامة بن زهير عن أبي موسى الأشعري قال إن الله تعالى لما أخرج آدم من الجنة زوده من ثمار الجنة وعلمه صنعة كل شيء فثماركم هذه من ثمار الجنة غير إن هذه تتغير وتلك لا تتغير قالوا.
وقد ضمن الله سبحانه وتعالى له إن تاب إليه وأناب أن يعيده إليها كما روى المنهال عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} قال يا رب ألم تخلقني بيدك قال بلى قال أي رب ألم تنفخ في من روحك قال بلى قال أي رب ألم تسكني جنتك قال بلى قال أي رب ألم تسبق رحمتك غضبك قال بلى قال أرأيت أن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة قال بلى قال فهو قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه وله طرق عن ابن عباس وفي بعضها كان آدم قال لربه إذ عصاه رب إن أنا تبت وأصلحت فقال له ربه إني راجعك إلى الجنة فهذا بعض ما احتج به القائلون بأنها جنة الخلد ونحن نسوق حجج الآخرين.