والقول الثالث: وهو قول جمهور أصحابنا أن هذه الجنة هي دار الثواب وقال أبو القاسم الراغب في تفسيره واختلف في الجنة التي أسكنها آدم فقال بعض المتكلمين كان بستانا جعله الله تعالى له امتحانا ولم يكن جنة المآوى وذكر بعض الاستدلال على القولين.
وممن ذكر الخلاف أيضا أبو عيسى الرماني في تفسيره واختار أنها جنة الخلد ثم قال والمذهب الذي اخترناه قول الحسن وعمرو وواصل وأكثر أصحابنا وهو قول أبي علي وشيخنا أبي بكر وعليه أهل التفسير واختار ابن الخطيب التوقف في المسألة وجعله قولا رابعا فقال:
والقول الرابع: أن لكل ممكن والأدلة متعارضة فوجب التوقف وترك القطع قال منذر بن سعيد والقول بإنها جنة في الأرض ليست جنة الخلد قول أبي حنيفة وأصحابه قال: وقد رأيت أقواما نهضوا لمخالفتنا في جنة آدم عليه السلام بتصويب مذهبهم من غير حجة إلا الدعاوى والأماني ما أتوا بحجة من كتاب ولا سنة ولا أثر عن صاحب ولا تابع ولا تابع التابع ولا موصولا ولا شاذا مشهورا.
وقد أوجدناهم أن فقيه العراق ومن قال بقوله قالوا أن جنة آدم ليست جنة الخلد وهذه الدواوين مشحونة من علومهم ليسوا عند أحد من الشاذين بل بين رؤساء المخالفين وإنما قلت هذا ليعلم أني لا أنصر مذهب أبي حنيفة وإنما أنصر ما قام لي عليه الدليل من القرآن والسنة هذا ابن زيد المالكي يقول في تفسيره سألت ابن نافع عن الجنة أمخلوقة هي فقال السكوت عن الكلام في هذا أفضل وهذا ابن عيينة يقول في قوله عز وجل: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى} قال يعني في الأرض وابن نافع وإمام وابن عيينة إمام وهو لا يأتوننا بمثلهما ولا من يضاد قوله قولهما.
وهذا ابن قتيبة ذكر في كتاب المعارف بعد ذكره خلق الله لآدم وزوجه قال: