قال الفراء: قدروا الكأس على قدر ريِّ أحدهم لا فضل فيه ولا عجز عن ريه وهو ألذ الشراب
وقال الزجاج: جعلوا الإناء على قدر ما يحتاجون إليه ويريدونه وقال أبو عبيد يكون التقدير الذين يسقون يقدرونها ثم يسقون يعني أن الضمير في قدروا للملائكة والخدم قدروا الكأس على قدر الري فلا يزيد عليه فيثقل الكف ولا ينقص منه فطلبت النفس الزيادة كما تقدم وقالت طائفة: الضمير يعود على الشاربين أي قدروا في أنهم شيئا فجاءهم الأمر بحسب ما قدروه وأرادوه وقول الجمهور: أحسن وأبلغ وهو مستلزم لهذا القول والله أعلم.
وأما الكأس فقال أبو عبيدة: هو الإناء بما فيه. وقال أبو إسحاق الكأس: الإناء إذا كان فيه خمر ويقع الكأس لكل إناء مع شرابه والمفسرون فسروا الكأس بالخمر وهو قول عطاء والكلبي ومقاتل حتى قال الضحاك كل كأس في القرآن فإنما عني به الخمر وهذا نظر منهم إلى المعنى والمقصود فإن المقصود ما في الكأس لا الإناء نفسه وأيضا فإن من الأسماء ما يكون اسما للحال والمحل مجتمعين ومنفردين كالنهر والكأس فإن النهر اسم للماء ولمحلة معا ولكل منهما على انفراده وكذلك الكأس والقرية ولهذا يجيء لفظ القرية مرادا به الساكن فقط والمسكن فقط والأمران معا.
وقد أخرجا في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن وفيهما أيضا من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة لا يبولون ولا يتغوطون