وذكر البيهقي من حديث البغوي حدثنا يونس بن عبيد الله البصري حدثنا عدي ابن الفضل عن الحريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن الله أحاط حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرس عرشها بيده وقال لها تكلمي فقالت {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} فقال طوبى لك منزلة الملوك"
وقال ابن أبي الدنيا حدثنا محمد بن أبي المثني البزار حدثنا محمد بن زياد الكلبي حدثنا بشير بن حسين عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجدة خضراء بلاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران" ثم قال: "لها أنطقي قالت {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} فقال الله عز وجل: "وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} " وتأمل هذه العناية كيف جعل هذه الجنة التي غرسها بيده لمن خلقه بيده ولأفضل ذريته اعتناء وتشريفا وإظهارا لفضل ما خلقه وبيده وشرفه وميزه بذلك عن غيره وبالله التوفيق فهذه الجنة في الجنات كآدم في نوع الحيوان
وقد روى مسلم في صحيحه عن المغيرة بن شعبة عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سأل موسى عليه السلام ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة" قال: "رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له أدخل الجنة فيقول: رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول: رضيت رب فيقول: له لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة: رضيت رب" قال: "رب فأعلاهم منزلة" قال: أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ومصداقه من كتاب الله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} .