عن النظر إلى جمال الحضرة الرُّبوبِيَّةِ وجلالها مع إشراقِه وظهوره، فإنه أظهرُ من أن يُطلَب، وأَوْضَح من أن يُعْقَل، ولم يمنع القلوبَ من الاشتغال بذلك الجمال، بعد تَزْكِيَتها عن شهواتِ الدنيا، إلا شدَّةُ الإشراق مع ضَعْفِ الأَحْداق، فسبحانَ مَن اختفَى عن بَصائر الخلَقِ بنوره، واحتجبَ عنهم لشدة ظهوره.
ونحن الآنَ نَنْظُمُ جواهرَ القرآن في سِلْكٍ واحد، ودُرَرَهُ في سِلْكٍ آخَر؛ وقد يُصَادَف كِلاهُما منظوماً في آيةٍ واحدة فلا يمكن تقطيعها، فننظر إلى الأغلب من معانيها.
والشطر الأول: من الفاتحة من الجواهر، والشطر الثاني: من الدُرَر، وَلذلك قال الله تعالى: "قَسَمْتُ الفاتحةَ بيني وبين عبدي" الحديث. ونُنَبِّهكَ أن المقصود من سِلْكِ الجواهر: اقتباسُ أنوار المعرفة فقط. والمقصود من الدُرَر: هو الاستقامة على سواء الطريق بالعمل. فالأول علمي، والثاني عملي، وأصلُ الإيمان العلم والعمل.