(6) وقولُه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} : يشتمل على رُكْنَين عظيمين:
أحدهما: العبادة مع الإخلاص بالاضافة إليه خاصة، وذلك هو روح الصراط المستقيم كما تعرفة من كتاب الصدق والإخلاص، وكتاب ذَمِّ الجَاهِ والرِّياء من كتاب "الإحياء".
والثاني: اعتقادُ أنه لا يستحق العبادة سواه، وهو لُباب عقيدة التوحيد، وذلك بالتَّبَرِّي عن الحَوْلِ والقوة، ومعرفةِ أنَّ الله منفردٌ بالأفعال كلها، وأن العبد لا يستقلُّ بنفسه دون معونَتِه؛ فقوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} إشارة إلى تَحْلِيَةِ النفس بالعبادة والإخلاص، وقولُهُ {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إشارة إلى تزكِيَتها عن الشِّرك والالتفات إلى الحَول والقوة.
وقد ذكرنا أن مدار سلوك الصراط المستقيم على قسمين: أحدهما: التَّزكِيَة بِنَفْي ما لا ينبغي، والثاني: التحلية بتحصيل ما ينبغي؛ وقد اشتمل عليهما كلمتان من جملة الفاتحة.
(7) وقولُهُ {اهدنا الصراط المستقيم} سؤالٌ ودُعاء، وهو مُخُّ العبادة، كما تعرفه من الأذكار والدوعات من كُتب "الإحياء" وهو تنبيهٌ على حاجة الإنسان إلى التَّضَرُّع والابْتِهَال إلى الله تعالى، وهو روح العُبودِيَّة، وتنبيهٌ على أن أهمَّ حاجاتِهِ الهدايةُ إلى الصراط المستقيم، إذْ بهِ السلوكُ إلى الله تعالى كما سبق ذكره.