وَأما التراجم فَمِنْهَا مَا هُوَ فِي الدرجَة الْعليا وَمَا هُوَ فِي الدرجَة الْوُسْطَى ووضعها يرجع إِلَى الْكَاتِب فِيهِ
ويعتمد فِيهِ على حذقه وإدراكه لِأَنَّهُ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الطَّبِيب الحاذق الَّذِي يُعْطي كل إِنْسَان من الدَّوَاء مَا يحْتَملهُ مزاجه وسنه
وَمَا يُوَافق طبع بَلَده
والفصل الَّذِي هُوَ فِيهِ
وَاعْلَم أَن الْأَلْفَاظ قوالب الْمعَانِي
والأقوال رُبمَا أطلقت
وَهِي مُقَيّدَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَهم والإدراك إِذْ لَا يعرف الشَّيْء إِلَّا بِمَعْرِِفَة مَعْنَاهُ
وَلَا يفهم إِلَّا بإيضاح فحواه
وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على تَرْجِيح أَرْبَاب الْخطاب على بَعضهم بَعْضًا
وَأَن الْخلَافَة هِيَ أعلا الْمَرَاتِب فِي الدُّنْيَا بعد النُّبُوَّة
وَلِهَذَا السَّبَب وَجب تَقْدِيم أَرْبَابهَا على من سواهُم وتخصيصهم بمزية الْفضل حكما ورسما
وهم أَحَق بذلك وأجدر لكَوْنهم أَعلَى الْبَريَّة قدرا وأكبر
وَمَا يكْتب لَهُم على ضَرْبَيْنِ
الأول المواقف الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة الإمامية العباسية الأعظمية المولوية السيدية السندية الملاذية الملجئية الظَّاهِرِيَّة الرؤوفية الرحيمية المؤيدية المنصورية المقتدرية المستعصمية الرشيدية المكينية الغياثية الآمرية الخليفية الْفُلَانِيَّة
خَليفَة الزَّمَان وَإِمَام أهل الْإِيمَان مولى النعم وَمولى الْأُمَم وَرَافِع نور الْهدى على علم
غياث الْأَنَام عصمَة الْأَيَّام رَحْمَة الْعَالم نعْمَة الله على بني آدم إِمَام الْمُسلمين وَابْن عَم سيد الْمُرْسلين
الْقَائِم بِأَمْر الله أَو المكتفي بِاللَّه أَبُو فلَان أَمِير الْمُؤمنِينَ
ضاعف الله أنواره وَرفع فِي أعلا دَرَجَات الْإِمَامَة مناره وَأظْهر على الدّين وَالدُّنْيَا شعار هَدْيه ودثاره
الثَّانِي الدِّيوَان الْعَزِيز النَّبَوِيّ الإمامي الأعظمي ويسوق الْأَلْفَاظ الْمُتَقَدّمَة تاليا لَهَا على نَحْوهَا الْمَوْضُوع لَهَا
وَقد قيل إِن الْأَلْفَاظ المستعملة فِي نعت الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وترجمته بهَا إِنَّمَا يُرَاد بهَا تَعْرِيف ذَلِك الْمُسَمّى والتنويه باسمه
وَقَالُوا إِن كثرتها فِي حق ذَوي الْمَرَاتِب الْعلية نقص وعيب
وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الْغَرَض بهَا التَّعْرِيف
فَلَيْسَ مثل الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ مُحْتَاج إِلَى تَعْرِيف وَلَا شهرة
لِأَن الْخُلَفَاء يعْرفُونَ بالسيادة والشرف الباذخ الْمَوْرُوث عَن النُّبُوَّة وهم موصوفون بأشهر مِمَّا بِهِ يوصفون
وَذَلِكَ أَن الْقَائِل إِذا قَالَ الدِّيوَان الْعَزِيز النَّبَوِيّ الإمامي الْفُلَانِيّ أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْتغنى بذلك عَن إِيرَاد جملَة من الصِّفَات
وَلِهَذَا قَالَ المعري فِي مرثيته للشريف الرضي