جواهر العقود (صفحة 748)

بِالنّصب فَمَعْنَاه لَا يضر بالكاتب والشهيد بِأَن يدعوهما للكتابة وَالشَّهَادَة من غير حَاجَة إِلَى ذَلِك

فيقطعهما عَن حوائجهما

وَهِي فرض على الْكِفَايَة إِذا دعى إِلَى الشَّهَادَة جمَاعَة

فَأجَاب شَاهِدَانِ سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ

لِأَن الْقَصْد من الشَّهَادَة التَّوَثُّق

وَذَلِكَ يحصل بِشَاهِدين

فَإِن امْتنع جَمِيعهم من الْإِجَابَة أثموا

فَإِن لم يكن فِي مَوضِع إِلَّا شَاهِدَانِ فدعيا إِلَى تحمل الشَّهَادَة

تعيّنت عَلَيْهِمَا الْإِجَابَة

فَإِن امتنعا أثما

لِأَن الْمَقْصُود لَا يحصل إِلَّا بهما

وَكَذَلِكَ أَدَاء الشَّهَادَة فرض وَهُوَ إِذا كَانَ مَعَ رجل شَهَادَة لآخر

فَدَعَاهُ الْمَشْهُود إِلَى أَدَائِهَا عِنْد الْحَاكِم وَجب عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا عِنْد الْحَاكِم لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تكتموا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} فَنهى عَن كتمان الشَّهَادَة وتوعد على كتمها

فَدلَّ على أَنه يجب إظهارها

وَقَوله تَعَالَى {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} وَهَذَا يعم حَال التَّحَمُّل وَحَال الْأَدَاء

فَإِن امْتنع جَمِيع الشُّهُود من الْأَدَاء أثموا

وَقد يتَعَيَّن الْأَدَاء على شَاهِدين

فَإِن لم يشْهد على الْحق إِلَّا اثْنَان أَو شهد جمَاعَة لكِنهمْ غَابُوا أَو مَاتُوا أَو كَانُوا فساقا إِلَّا اثْنَيْنِ

فَإِنَّهُ يتَعَيَّن عَلَيْهِمَا الْأَدَاء إِذا دعيا إِلَيْهِ

لِأَن الْمَقْصُود لَا يحصل إِلَّا بهما

وَمن تعين عَلَيْهِ فرض تحمل الشَّهَادَة أَو أَدَائِهَا لم يجز لَهُ أَن يَأْخُذ على ذَلِك أُجْرَة

لِأَنَّهُ فرض توجه عَلَيْهِ

فَلَا يجوز لَهُ أَن يَأْخُذ عَلَيْهِ أُجْرَة كَالصَّلَاةِ

وَإِن لم يتَعَيَّن عَلَيْهِ

فَهَل يجوز لَهُ أَن يَأْخُذ عَلَيْهِ أُجْرَة فِيهِ وَجْهَان

أَحدهمَا يجوز لِأَنَّهَا وَثِيقَة بِالْحَقِّ لم تتَعَيَّن عَلَيْهِ

فَجَاز لَهُ أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ

ككتب الْوَثِيقَة

وَالثَّانِي لَا يجوز لَهُ ذَلِك

لِأَن التُّهْمَة تلْحقهُ بِأخذ الْعِوَض

وَلَا تقبل الشَّهَادَة إِلَّا من عدل

لقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} فَدلَّ على أَنه إِذا جَاءَ من لَيْسَ بفاسق لَا يتَبَيَّن

وَلقَوْله تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} فَدلَّ على أَن شَهَادَة من لَيْسَ بِعدْل لَا تقبل

وَالْعدْل فِي اللُّغَة هُوَ الَّذِي اسْتَوَت أَحْوَاله واعتدلت

يُقَال فلَان عديل فلَان

إِذا كَانَ مُسَاوِيا لَهُ

وَسمي الْعدْل عدلا لِأَنَّهُ يُسَاوِي مثله على الْبَهِيمَة

وَأما الْعدْل فِي الشَّرْع فَهُوَ الْعدْل فِي أَحْكَامه وَدينه ومروءته

فالعدل فِي الْأَحْكَام أَن يكون بَالغا عَاقِلا حرا

وَالْعدْل فِي الدّين أَن يكون مُسلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015