مِثَاله إِذا كَانَ الذرع الأول مائَة ذِرَاع وَهُوَ انْتِهَاء نظر الْجَالِس إِلَى جَانب الْمَجْنِي عَلَيْهِ
وَكَانَ انْتِهَاء نظر الْمَجْنِي عَلَيْهِ سبعين ذِرَاعا فَتبين أَن النَّقْص ثَلَاثِينَ
أَو يكون تسعين
فَيكون النَّقْص عشرَة
فجملة مَا نقص عشر الضَّوْء
فَيجب عشر الدِّيَة
وعَلى هَذَا الْحساب يكون الْعَمَل فِي امتحان نقص ضوء الْعين
وَإِذا ادّعى رجل على رجل آخر أَنه ضربه ضَرْبَة أَزَال سَمعه
وَثَبت عِنْد الْحَاكِم أَنه ضربه تِلْكَ الضَّرْبَة
فطريق اعْتِبَار ذَلِك أَن الْحَاكِم يَأْمر رجلا يقف خلف الْمَجْنِي عَلَيْهِ على حِين غَفلَة مِنْهُ
وَيَرْمِي خَلفه قَرِيبا مِنْهُ حجرا كَبِيرا أَو جرسا كَبِيرا أَو شَيْئا من أواني النّحاس من شَاهِق
فَإِن الْتفت أَو ظهر مِنْهُ إِشْعَار بِتِلْكَ الرَّمية فَلَا يحكم لَهُ
وَإِن لم يلْتَفت وَلم يظْهر مِنْهُ إِشْعَار وَلَا علم فَيحكم لَهُ بِالدِّيَةِ كَامِلَة
وَفِي لِسَان الْأَخْرَس الْحُكُومَة وَهِي أَن يقوم الْمَجْنِي عَلَيْهِ حَال كَونه ناطقا وَحَال كَونه أخرس وَينظر فِي التَّفَاوُت بَينهمَا
فَمَا كَانَ فَهُوَ قدر الْحُكُومَة من الدِّيَة
وَفِي إِزَالَة الْعقل بِالضَّرْبِ على الرَّأْس وَغَيره الدِّيَة
وَفِي إبِْطَال المضغ الدِّيَة
وَفِي كسر الصلب الدِّيَة
وَفِي إِزَالَة الْبَطْش الدِّيَة
وَفِي الْمَنْع من الْمَشْي الدِّيَة
وَفِي إبِْطَال الصَّوْت الدِّيَة
وَفِي إبِْطَال الذَّوْق الدِّيَة
وَيتَصَوَّر فِي الْأُذُنَيْنِ ديتان
كَمَا لَو قطع أُذُنَيْهِ وأزال سَمعه
وَيتَصَوَّر فِي الْفَم خمس ديات
كَمَا لَو قطع شَفَتَيْه ثمَّ قطع لِسَانه أَو أَزَال حَرَكَة لِسَانه وأزال صَوته
أَو قلع جَمِيع أَسْنَانه وأزال ذوقه بِحَيْثُ إِنَّه لَا يعرف الحلو من المر وَلَا يفرق بَينهمَا
فَتجب هَذِه الدِّيات على الْجَانِب كلهَا إِذا كَانَت الْحَيَاة بَاقِيَة فِيهِ
وَيتَصَوَّر فِي الْفَم نصف دِيَة أُخْرَى كَمَا لَو أَزَال إِحْدَى لحييْهِ وَأمكن وقُوف الآخر ثَابتا فِي مَكَانَهُ مَعَ الْحَيَاة
وَيتَصَوَّر فِي الْأنف ديتان بِقطع الْأنف وَزَوَال الشم
وَيتَفَرَّع على ذَلِك صور كَثِيرَة لَا يُمكن الْإِتْيَان بهَا لطولها وَبسط الْكَلَام فِيهَا
وَمَا تقدم ذكره من الصُّور فِي ذَلِك كَاف
وَفِيه مِثَال لغيره مِمَّا يحْتَاج إِلَى كِتَابَته
والحاذق الفهيم يُوقع الوقائع ويعتني بتنزيلها على الْقَوَاعِد المستقرة بلطيف تصرفه وَحسن وَضعه
ويراعى فِي كل صُورَة مَا هُوَ مَطْلُوب فِيهَا ومقصود بهَا الْخلاف بَين أَئِمَّة الْمذَاهب الْأَرْبَعَة رَحِمهم الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة بمنه وَكَرمه
وَأما صور دَعْوَى الدَّم والقسامة فَمِنْهَا صُورَة دَعْوَى بالقسامة وَاسْتِيفَاء الْأَيْمَان من الْمُدعى عَلَيْهِم وَالْحكم بِالدِّيَةِ مقسطة