قَول آخر أَن هلاكهما وهلاك الدابتين يكون هدرا
لِأَنَّهُ لَا صنع لَهما فِيهِ
كالآفة السماوية
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْقسَامَة
ومدعي الدَّم يَنْبَغِي أَن يعين من يَدعِي عَلَيْهِ من وَاحِد أَو جمَاعَة
وَالْقَتْل فِي مَحل اللوث يَقْتَضِي الْقسَامَة
واللوث قرينَة حَال توقع فِي الْقلب صدق الْمُدَّعِي مثل أَن يُوجد قَتِيل فِي قَبيلَة أَو قَرْيَة صَغِيرَة بَين الْمَقْتُول وَبَين أَهلهَا عَدَاوَة ظَاهِرَة
فَهُوَ لوث فِي حَقهم
وَكَذَا لَو تفرق جمَاعَة عَن قَتِيل فِي دَار أَو مَسْجِد أَو بُسْتَان أَو ازْدحم قوم على بِئْر ثمَّ تفَرقُوا عَن قَتِيل
وَمعنى الْقسَامَة أَن يحلف الْمُدَّعِي على الْقَتْل الَّذِي يَدعِيهِ خمسين يَمِينا
وَكَيْفِيَّة الْيَمين كَمَا فِي سَائِر الدَّعَاوَى
وَإِذا مَاتَ قَامَ وَارثه مقَامه
ويستأنف الْوَارِث
وَإِن كَانُوا جمَاعَة وزعت الْخمسين عَلَيْهِم على قدر مواريثهم وَيجْبر الْكسر فِي الْيَمين
وَإِذا أقسم الْمُدَّعِي على قتل الْخَطَأ أَو شبه الْعمد أَخذ الدِّيَة من الْعَاقِلَة
وَإِن حلف على الْعمد فيقتص من الْمقسم عَلَيْهِ
وَإِذا حلف على ثَلَاثَة أَخذ من كل مِنْهُم ثلث الدِّيَة
وَإِن كَانَ وَاحِد مِنْهُم حَاضرا والآخران غائبين حلف على الْحَاضِر خمسين يَمِينا وَأخذ مِنْهُ ثلث الدِّيَة
فَإِذا حضر الْآخرَانِ حلف عَلَيْهِمَا خمسين يَمِينا وَأخذ مِنْهُمَا الثُّلثَيْنِ على خلاف فِيهِ
وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن سهل السَّرخسِيّ رَحمَه الله من أَصْحَاب أبي حنيفَة فِي الْمَبْسُوط إِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي محلّة قوم فَعَلَيْهِم أَن يقسم مِنْهُم خَمْسُونَ رجلا بِاللَّه مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا ثمَّ يغرمون الدِّيَة
قَالَ بلغنَا هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَفِيه أَحَادِيث مَشْهُورَة
مِنْهَا حَدِيث سهل ابْن أبي حثْمَة بن عبد الله وَعبد الرَّحْمَن بن سهل وحويصة ومحيصة وَهُوَ أَنهم خَرجُوا فِي التِّجَارَة إِلَى خَيْبَر وَتَفَرَّقُوا