أَحدهمَا أَنه أَرَادَ التَّأْكِيد فِي الْكَلَام
وَذَلِكَ جَائِز
كَقَوْلِه تَعَالَى {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم تِلْكَ عشرَة كَامِلَة}
وَالثَّانِي أَن الخلفة اسْم للحامل الَّتِي لم تضع
وَاسم للَّتِي وضعت ويتبعها وَلَدهَا
فَأَرَادَ أَن يُمَيّز بَينهمَا
وَإِن كَانَت الْجِنَايَة خطأ وَلم يكن الْقَتْل فِي الْحرم وَلَا فِي الْأَشْهر الْحرم وَلَا كَانَ الْمَقْتُول ذَا رحم محرم للْقَاتِل فَإِن الدِّيَة تكون مُخَفّفَة أَخْمَاسًا
وَهِي مائَة من الْإِبِل عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة
بِدَلِيل مَا روى مُجَاهِد عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بدية الْخَطَأ مائَة من الْإِبِل عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة
وَإِن كَانَ قتل الْخَطَأ فِي الْحرم أَو فِي الْأَشْهر الْحرم وَهِي رَجَب وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم أَو كَانَ الْمَقْتُول ذَا رحم محرم للْقَاتِل كَانَت دِيَة الْخَطَأ مُغَلّظَة كدية الْعمد
بِدَلِيل أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم غلظوا فِي دِيَة الْخَطَأ فِي هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة
وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ من قتل فِي الْحرم أَو فِي الْأَشْهر الْحرم أَو ذَا رحم محرم
فَعَلَيهِ دِيَة وَثلث
وَرُوِيَ عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة وطِئت فِي الطّواف فَمَاتَتْ
فَقضى أَن دِيَتهَا سِتَّة آلَاف دِرْهَم
وألفا دِرْهَم للحرم
وروى ابْن جُبَير أَن رجلا قتل رجلا فِي الْبَلَد الْحَرَام فِي الشَّهْر الْحَرَام
فَقَالَ ابْن عَبَّاس دِيَته اثْنَا عشر ألف دِرْهَم وَأَرْبَعَة آلَاف تَغْلِيظًا للشهر الْحَرَام وَأَرْبَعَة آلَاف للبلد الْحَرَام فكملها عشْرين ألفا
وَلَا مُخَالف لَهُم من الصَّحَابَة
وَإِن قتل خطأ فِي حرم الْمَدِينَة
فَهَل تتغلظ الدِّيَة فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا تغلظ كَمَا تغلظ فِي الْبَلَد الْحَرَام
فَإِنَّهُ كالحرم فِي تَحْرِيم الصَّيْد
فَكَانَ كالحرم فِي تَغْلِيظ دِيَة الْخَطَأ
وَالثَّانِي لَا تغلظ وَهُوَ الْأَصَح لِأَنَّهُ دون الْحرم
بِدَلِيل أَنه يجوز قَصده بِغَيْر إِحْرَام
فَلم يلْحق بِهِ فِي الْحُرْمَة وَلَا فِي تَغْلِيظ الدِّيَة