(الْوَدِيعَة) مُشْتَقَّة من السّكُون فَكَأَنَّهَا عِنْد الْمُودع سَاكِنة مُسْتَقِرَّة
وَقيل: إِنَّهَا مُشْتَقَّة من الدعة فَكَأَنَّهَا فِي دعة عِنْد الْمُودع وَالْأَصْل فِي الْوَدِيعَة: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} وَقَوله تَعَالَى: {فليؤد الَّذِي اؤتمن أَمَانَته} وَقَوله تَعَالَى: {وَمن أهل الْكتاب من إِن تأمنه بقنطار يؤده إِلَيْك وَمِنْهُم من إِن تأمنه بِدِينَار لَا يؤده إِلَيْك} فَدلَّ على أَن للأمانة أصل فِي الشَّرْع
وَأما السّنة: فَمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك) أَي لَا تقابله بخيانة
وَرُوِيَ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت عِنْده ودائع بِمَكَّة فَلَمَّا أَرَادَ أَن يُهَاجر تَركهَا عِنْد أم أَيمن
وَخلف عليا ليردها على أَهلهَا)
وَأما الْإِجْمَاع: فَإِن الْأمة أَجمعت على جَوَاز الْإِيدَاع
وَالنَّاس فِي قبُول الْوَدِيعَة على ثَلَاث أضْرب
ضرب: يعلم من نَفسه الْقُدْرَة على حفظهَا ويأمن من نَفسه الْخِيَانَة فِيهَا وَلَا يخَاف التّلف عَلَيْهَا إِن لم يقبلهَا
فَهَذَا يسْتَحبّ لَهُ قبُولهَا لقَوْله تَعَالَى: {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى وَلَا تعاونوا على الْإِثْم والعدوان وَاتَّقوا الله إِن الله شَدِيد الْعقَاب} وَلَا