مَسْجِدا جَامعا ومعبدا لله تَعَالَى تتوالى فِيهِ الْخطب والأعياد وَالْجمع والصلوات وتتلى فِيهِ الْآيَات وَأذن للْمُسلمين بِالصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَاف فِيهِ
ومكنهم من التَّرَدُّد وَالْعِبَادَة فِي جوانبه ونواحيه
وَأما الميضأة الْمَذْكُورَة فِيهِ: فَإِنَّهَا من جملَة مَنَافِعه ومصالحه مسبلة للاستنجاء والتطهر وَالْوُضُوء للْمُسلمين الْمُصَلِّين بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ وَغَيرهم
وَأما بَاقِي الْمَوْقُوف الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه: فَإِن الْوَاقِف وقف ذَلِك على مصَالح الْمَسْجِد الْجَامِع الْمشَار إِلَيْهِ
وَجعله مصرفا فِيهِ وَعَلِيهِ من عمَارَة وفرش وتنوير وآلات وَمَعْلُوم للمرتبين بِهِ وَغير ذَلِك مِمَّا لَا بُد لَهُ مِنْهُ وَلَا غنى لَهُ عَنهُ حَسْبَمَا يَأْتِي ذكره فِيهِ مُبينًا وَشَرحه مفصلا معينا
على أَن الْمُتَكَلّم فِي هَذَا الْوَقْف والناظر عَلَيْهِ والمسند أمره إِلَيْهِ وَمَا يتَعَلَّق بِهِ: يبْدَأ من ارتفاعه بعمارته وتثميره وإصلاحه وتكثيره وَمَا فِيهِ الزِّيَادَة لمنافعه وأجوره على جري الْعَادة فِي مثله
ومستقر الْقَاعِدَة فِي نَظِيره وشكله بِحَيْثُ لَا يفرط وَلَا يفرط وَلَا يخرج فِي سلوكه عَن المسلك الْمُتَوَسّط وَلَا يهمل حَقًا معينا وَلَا يغْفل عَن أَمر يكون صَلَاحه بَينا وَلَا يحصل درهما إِلَى من حلّه وَلَا يُؤَخِّرهُ عَن وَقت وُجُوبه وَمحله ليَكُون هَذَا الْوَقْف مَقْبُولًا مبرورا وليبقى بالتقوى مغمورا وَيحسن التَّصَرُّف معمورا
وَمهما فضل بعد ذَلِك يصرف مِنْهُ مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ من ثمن حصر وَبسط وزيت ومصابيح وآلات وَمَا لَا بُد مِنْهُ
وَيصرف فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَكَذَا إِلَى رجل من أهل الْعلم الشريف وَالْقُرْآن الْعَظِيم شَافِعِيّ الْمَذْهَب أَو حَنَفِيّ يرتب خَطِيبًا بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ على أَن يخْطب للنَّاس فِي كل جُمُعَة على منبره المستقر بِهِ ثمَّ يُصَلِّي بهم فِي كل سنة صَلَاتي الْعِيدَيْنِ الْفطر والأضحى ويخطب بعد الصَّلَاتَيْنِ المذكورتين على الْعَادة وَيَدْعُو عقب كل صَلَاة للْوَاقِف وَالْمُسْلِمين ملازما وظيفته على عَادَة أَمْثَاله
وَيصرف مِنْهُ فِي كل شهر كَذَا إِلَى رجل حَافظ لكتاب الله الْعَزِيز جيد الْحِفْظ جيد للْقِرَاءَة صَحِيح الْأَدَاء حسن الصَّوْت
ويرتب إِمَامًا راتبا ليقوم بوظيفة الْإِمَامَة فِي الصَّلَوَات الْخمس المفروضات بالمحراب الْمشَار إِلَيْهِ وبصلاة التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان من كل سنة وَصَلَاة خُسُوف الْقَمَر وكسوف الشَّمْس وَصَلَاة الاسْتِسْقَاء عِنْد وجود السَّبَب الْمُوجب لذَلِك
وَيَدْعُو عقيب كل صَلَاة للْوَاقِف وَالْمُسْلِمين ملازما وظيفته على عَادَة أَمْثَاله
وَيصرف مِنْهُ فِي كل شهر كَذَا إِلَى رجل من أهل الْخَيْر وَالدّين وَالصَّلَاح حَافظ لكتاب الله الْعَزِيز حسن الصَّوْت يرتب قَارِئًا بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ على أَنه يحضر فِي كل يَوْم فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ أَو فِي كل يَوْم جُمُعَة قبل الصَّلَاة وَيقْرَأ على الْكُرْسِيّ