فَأَما العامر وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ العامر من الْمرَافِق: فَإِنَّهُ ملك للْكفَّار
لقَوْله تَعَالَى: {وأورثكم أَرضهم وديارهم} فإضافتها إِلَيْهِم تدل على أَنهم ملكوها وَلَا يجوز إحياؤها
وَإِنَّمَا تملك بالقهر وَالْغَلَبَة
وَأما الْموَات: فَإِن كَانَ قد جرى عَلَيْهَا ملك لمَالِك مَعْرُوف: لم يجز إحياؤها كالعامر
وَإِن لم يجر عَلَيْهَا ملك لأحد: جَازَ إحياؤها وتملكها
لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أَحْيَا أَرضًا ميتَة
فَهِيَ لَهُ) وَلم يفرق
فعلى هَذَا: إِن أَحْيَا مُسلم مواتا فِي أَرضهم ثمَّ ظهر الْمُسلمُونَ على أَرضهم فملكوها كَانَت غنيمَة إِلَّا مَا أَحْيَاهُ الْمُسلم
وَإِن كَانَت مواتا قد جرى عَلَيْهَا أثر ملك لَهُم وَلَا يعرف مَالِكهَا: فعلى قَوْلَيْنِ أَحدهَا: يجوز إحياؤها وتملك بِالْإِحْيَاءِ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (عادي الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ ثمَّ هِيَ لكم مني) وَأَرَادَ بِهِ الأَرْض الَّتِي كَانَت ملكا لقوم عَاد وَلِأَنَّهُ لَو وجد فِي بِلَاد الشّرك وَكَانَ من ضرب الْمُشْركين بِملكه بالوجود
وَإِن كَانَ قد جرى عَلَيْهِ ملك مُشْرك
فَكَذَلِك إِذا أَحْيَا مواتا جرى عَلَيْهِ ملك لمَالِك غير مَعْرُوف من الْمُشْركين
وَالثَّانِي: لَا يملك بِالْإِحْيَاءِ
قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد: وَهُوَ الْمَذْهَب
لِأَن الشَّافِعِي قَالَ: والموات مَا لَيْسَ عَلَيْهِ أثر عمَارَة
وَلِأَنَّهَا إِن كَانَ جرى عَلَيْهَا الْملك فَلَا تملك بِالْإِحْيَاءِ
كَمَا لَو كَانَ لَهَا مَالك مَعْرُوف وَلِأَنَّهُ يجوز أَن يكون لكَافِر لم تبلغه الدعْوَة
فَلَا يكون مَاله مُبَاحا
وَمن قَالَ بِهَذَا قَالَ: معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (عادي الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ) أَرَادَ بِهِ الْملك الْقَدِيم
فَعبر عَن الْملك الْقَدِيم بالعادي لِأَنَّهُ يُقَال: شَيْء عادي أَي قديم
فَإِن أَحْيَا الْمُسلم مواتا فِي بلد صولح الْكفَّار على الْإِقَامَة فِيهِ لم يملك بذلك الْموَات
لِأَن الْموَات تَابع للبلد
فَإِذا لم يجز تملك الْبَلَد عَلَيْهِم
فَكَذَلِك مَا تبعه
فَائِدَة: فِي (قطّ) خمس لُغَات
إِحْدَاهَا: فتح الْقَاف مَعَ تَشْدِيد الطَّاء المضمومة
ثَانِيهَا: ضمهَا مَعَ التَّشْدِيد أَيْضا
ثَالِثهَا: فتحهَا مَعَ تَشْدِيد الطَّاء الْمَكْسُورَة
رَابِعهَا