ثمنه وَرجل اسْتَأْجر أَجِيرا فاستوفى عمله وَلم يوفه أجره وروت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر استأجرا رجلا خريتا عَالما بالهداية والخريت الدَّلِيل وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَأعْطى الْحجام أجرته
وَأما الْإِجْمَاع فَروِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه أجر نَفسه من يَهُودِيّ يَسْتَقِي لَهُ المَاء اكل دلو بتمرة وَرُوِيَ أَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} (الْبَقَرَة 198) هُوَ أَن يحجّ الرجل ويؤاجر نَفسه وَرُوِيَ أَن عبد الرحمنبن عَوْف اسْتَأْجر أَرضًا فَبَقيت فِي يَده إِلَى أَن مَاتَ فَقَالَ أَهله نَا نرى أَنَّهَا لَهُ حَتَّى وصّى بهَا وَذكر أَن عَلَيْهِ شَيْئا من أجرتهَا وَمَا رُوِيَ خلاف ذَلِك عَن أحد من الصَّحَابَة
وَأما الْقيَاس فَلِأَن الْمَنَافِع كالأعيان فَلَمَّا جَازَ عقد البيع على الْأَعْيَان جَازَ عقد الْإِجَارَة على الْمَنَافِع وَيعْتَبر فِي الْمُؤَجّر وَالْمُسْتَأْجر مَا يعْتَبر فِي البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَصِيغَة العقد أَن يَقُول أجرتك هَذِه الدَّار أَو أكريتك أَو مَلكتك مَنَافِعهَا مُدَّة كَذَا بِكَذَا فَيَقُول الْمُسْتَأْجر اسْتَأْجَرت أَو اكتريت أَو تملكت أَو قبلت
وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا تَنْعَقِد بِمَا لَو قَالَ أجرتك مَنْفَعَتهَا وَأَنَّهَا لَا تَنْعَقِد إِذا قَالَ بِعْتُك مَنْفَعَتهَا وتنقسم الْإِجَارَة إِلَى وَارِدَة على الْعين كإجارات العقارات وكما إِذا اسْتَأْجر دَابَّة بِعَينهَا للْحَمْل أَو الرّكُوب أَو شخصا بِعَيْنِه للخياطة أَو غَيرهَا وَإِلَى وَارِدَة على الذِّمَّة كاستئجار دَابَّة مَوْصُوفَة وكما إِذا الْتزم للْغَيْر خياطَة أَو بِنَاء
وَإِذا قَالَ استأجرك لتعمل كَذَا فَالْحَاصِل إِجَارَة عين أَو إِجَارَة فِي الذِّمَّة فِيهِ وَجْهَان أظهرهمَا الأول وَيشْتَرط فِي الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة تَسْلِيم الْأُجْرَة فِي الْمجْلس كتسليم رَأس مَال السّلم فِي الْمجْلس وَفِي إِجَارَة الْعين لَا يشْتَرط وَيجوز فِي الْأُجْرَة التَّعْجِيل والتأجيل إِن كَانَت فِي الذِّمَّة وَإِذا أطلقت تعجلت وَإِن كَانَت مُعينَة ملكت فِي الْحَال كَالْبيع ولتكن الْأُجْرَة مَعْلُومَة
تَنْبِيه قَوْلنَا مَعْلُومَة احْتِرَازًا من الْمَنْفَعَة المجهولة فَإِنَّهَا لَا تصح للغرر وَلَا بُد من الْعلم بِالْمَنْفَعَةِ قدرا ووصفا بِحَيْثُ تكون قَابِلَة للبذل وَالْإِبَاحَة وعَلى هَذَا اسْتِئْجَار آلَات اللَّهْو كالطنبور والمزمار والرباب وَنَحْوهَا حرَام يحرم بذل الْأُجْرَة فِي مقابلتها