: اعْلَم أَن من علم أَن عَلَيْهِ حَقًا فَصَالح على بعضه لم يحل
لِأَنَّهُ هضم للحق
أما إِذا لم يعلم وَادّعى عَلَيْهِ فَهَل تصح الْمُصَالحَة قَالَ الثَّلَاثَة: تصح
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا تصح
والمجهول على الْمَجْهُول جَائِز عِنْد الثَّلَاثَة
وَمنعه الشَّافِعِي
وَإِذا وجد حَائِط بَين دارين وَلِصَاحِب إِحْدَى الدَّاريْنِ جُذُوع وَادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن جَمِيع الْحَائِط لَهُ
فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمَالك: أَنه لصَاحب الْجُذُوع الَّتِي عَلَيْهِ مَعَ يَمِينه
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: إِذا كَانَ لأَحَدهمَا جُذُوع عَلَيْهِ لم يتَرَجَّح جَانِبه بذلك بل الْجُذُوع لصَاحِبهَا مقرة على مَا هِيَ عَلَيْهِ
والحائط بَينهمَا مَعَ أيمانهما
وَإِذا تداعيا سقفا بَين بَيت وغرفة فَوْقه فالسقف عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك لصَاحب السّفل
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: هُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ
وَإِذا انْهَدم الْعُلُوّ أَو السّفل فَأَرَادَ صَاحب الْعُلُوّ أَن يبنيه لم يجْبر صَاحب السّفل على الْبناء والتسقيف حَتَّى يَبْنِي صَاحب الْعُلُوّ بل إِن اخْتَار صَاحب الْعُلُوّ أَن يَبْنِي السّفل من مَاله وَيمْنَع صَاحب السّفل من الِانْتِفَاع حَتَّى يُعْطِيهِ مَا أنْفق
فَهَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد
وَنقل عَن الشَّافِعِي كَذَلِك
وَالصَّحِيح من مذْهبه: أَنه لَا يجْبر صَاحب السّفل وَلَا يمْنَع من الِانْتِفَاع إِذا بنى صَاحب الْعُلُوّ بِغَيْر إِذْنه بِنَاء على أَصله
وَفِي قَوْله الْجَدِيد: إِن الشَّرِيك لَا يجْبر على الْعِمَارَة
وَالْقَدِيم الْمُخْتَار عِنْد جمَاعَة من متأخري أَصْحَابه: إِنَّه يجْبر الشَّرِيك دفعا للضَّرَر وصيانة للأملاك الْمُشْتَركَة عَن التعطيل
وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي فَتَاوِيهِ: الِاخْتِيَار أَن القَاضِي يُلَاحظ أَحْوَال المتخاصمين
فَإِن رأى أَن الِامْتِنَاع لغَرَض صَحِيح أَو شكّ فِي ذَلِك لم يجْبرهُ
وَإِن علم أَنه عناد أجْبرهُ
قَالَ: وَالْقَوْلَان يجريان فِي تبقية الْبِئْر والقناة وَالنّهر بَين الشُّرَكَاء
: وللمالك التَّصَرُّف فِي ملكه تَصرفا لَا يضر بجاره
وَاخْتلفُوا فِي تصرف يضر بالجار
فَأَجَازَهُ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَمنعه مَالك وَأحمد
وَذَلِكَ مثل: أَن يَبْنِي حَماما أَو معصرة أَو مرحاضا أَو يحْفر بِئْرا مجاورة لبئر شَرِيكه فينقص مَاؤُهَا بذلك أَو يفتح لحائطه شباكا أَو كوَّة تشرف على دَاره فَلَا يمْنَع من ذَلِك لتصرفه فِي ملكه
وَاتَّفَقُوا على أَن للْمُسلمِ أَن يعلي بناءه فِي ملكه لَكِن لَا يحل لَهُ أَن يطلع على عورات جِيرَانه
فَإِن كَانَ سطحه أَعلَى من سطح غَيره
قَالَ مَالك وَأحمد: لَهُ بِنَاء ستْرَة تَمنعهُ من الإشراف على جَاره
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يلْزمه ذَلِك
وَهَكَذَا اخْتلَافهمْ فِيمَا إِذا كَانَ بَين رجلَيْنِ جِدَار فَسقط
فطالب أَحدهمَا الآخر ببنائه فَامْتنعَ