وإن أبرأ فلانًا مما له قبله بكسر القاف وفتح الباء الموحدة، أي: جهته برئ، أو أبرأه من كل حق برئ أيضًا، أو أبرأه بأن قال: أبرأتك، ولم يزد برئ مطلقا من الحقوق المالية، وكذا من البدنية، مثل القذف، ما لم يبلغ الإمام، فإن بلغه فليس له إسقاطه، إلا أن يريد المقذوف سترًا على نفسه، وكذا يبرأ من الحقوق المالية، التي يفوتها الإتلاف كغرم مال السرقة لأحدهما؛ لأنه حق للَّه تعالى، لا للمسروق متاعُه.
وإذا برئ من عليه الحق بصيغة مما تقدم، ثم قام صاحب الحق وادعى على من أبرأه فلا تقبل دعواه بنسيان أو جهل، أو بقوله: إنما أبرأت مما فيه الخصومة فقط، وإن كانت دعواه بصك، أي: وثيقة مكتوبة بما يدعيه، إلا ببينة تشهد له أنه -أي: الصك الذي أحضره- بعده، أي: بعد الإبراء، فتقبل دعواه به حينئذ، وأما قبله فلا.
وإن أبرأه مما معه برئ من الأمانة وديعة وقراضا وإبضاعا ونحوه، لا الدين، فلا يبرأ منه، ولعل هذا كما قال الشارح: إذا كان العرف كذلك.
* * *
ذكر فيه الإستلحاق، وهو: الإقرار بالنسب، وألحقه بالإقرار بالمال لشبهه به، وإن خالفه في بعض الصور.
إنما يستلحق الأب لا الأم اتفاقًا، ولا الجد على مشهور، ولا يستلحق غيرهما من الأقارب، وأما ما يأتي أواخر الفصل إن أقر عدلان بثالث ثبت النسب فهو إقرار لا استلحاق.