ما وجد، ويخصف نعله بيده، ويرقع ثوبه، ويؤثر على نفسه؛ وقتل رجل من أفاضل أصحابه، مثل فقده يهد عسكراً قتل بين أظهر أعدائه من اليهود فلم يتسبب إلى أذى أعدائه بذلك، إذ لم يوجب الله تعالى ذلك، ولا توصل بذلك إلى دمائهم، ولا إلى دم واحد منهم، ولا إلى أموالهم، بلى فداه من عند نفسه بمائة ناقة، وهو في تلك الحال محتاج إلى بعير واحد يتقوى به.... " (?) .

وبهذا الروح، بل بهذا الأسلوب نفسه، كتب ابن حزم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وميز بالعناية البالغة فصلين هامين منها، هما: أعلام الرسول، وخلقه وشمائله. وهذان هما الوضوعان اللذان سكررهما في كتاباته الأخرى (?) ، لأنهما شاهدا حق على نبوة الرسول، ولأن ثانيهما يمثل الجانب العملي في الكمال الخلقي.

وقد ذكر ابن حزم كتابين من المصادر التي نقل عنهما، وهما: تاريخ أبي حسان الزيادي، وتاريخ خليفة بن خياط (?) ، وهما من الكتب التي فقدت، وبقيت منهما نقول مبثوثة في بعض الكتب التاريخية؛ ولا ندري أطلع عليهما ابن حزم، أم نقل عنهما نقلاً غير مباشر. أما الذي لا شك فيه فهو أن تاريخ خليفة قد وصل الأندلس في عهد مبكر، برواية بقي بن خلد (?) ، وبقى عند ابن حزم شيخ المفسرين والمحدثين.

ويدلنا البناء العام لكتاب السيرة، على أن ابن حزم يتكئ كثيراً على سيرة ابن إسحق، وخاصةٍ حين أخذ في الحديث عن غزوات الرسول واحدة واحدة، وعد في كل غزوة أسماء من شهدها من المسلمين والمشركين، وأسماء من استشهد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015