(654 745) صاحب البحر المحيط في التفسير، وذو المكانة المشهورة في النحو، فقد روى هذه السيرة أيام تنقله في البلاد الأندلسية طلباً للعلم. وأثناء تجواله لقي شيخين كبيرين من شيوخ الظاهرية، وهما: أبو العباس أحمد بن عليّ أبن خالص الإشبيلي الزاهد، وأبو الفضل محمد بن محمد بن سعدون الفهري الشنتمري. ولعله لقي أستاذه عبد الله بن محمد بن هارون في قرطبة، فأخذ عنه فما أخذ سيرة ابن حزم، ولما ارتحل أثير الدين إلى مصر (679) كان قد روى جميع كتب ابن حزم، فرواها بمصر لبعض تلامذته. وظل الشيخ محافظاً على صلته بمذهب أستاذه القديم، فاختصر كتاب " المحلى " في كتاب سماه " النور الأجلى في اختصار المحلى ". ويذهب الصفدي إلى أن أثير الدين تخلى عن الظاهرية، لما رأى الناس بمصر لا يميلون إليها، وتمذهب للشافعي. ولكن يبدو من تعلقه بالمحلى أنه بقي محافظاً على ظاهريته بمصر مدة غير قصيرة من الزمن، ويقول غير الصفدي: " بل لم يزل ظاهرياً ". وربما أيد هذا قول ابن حجر فيه: " كان أبو حيان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه " (?) . على أن فضل أبي حيان في البيئة المشرقية لم يقتصر على تعريف المشارقة بكتب ابن حزم، بل " هو الذي جسر الناس على مصنفات ابن مالك في النحو، ورغبهم في قراءتها، وشرح لهم غوامضها، وخاض بهم لججهان وفتح مقفلها ". وكان رسولا أميناً في التعريف بالثقافة المغربية ورجالها، وتقييد أسمائهم على ما يتلفظون به من إمالة وترقيق وتفخيم، لأنهم يجاورون بلاد الأفرنج، وأسماؤهم قريبة من لغاتهم، وألفاظهم كذلك (?) .
2 - وكان شيخه عبد الله بن محمد بن هارون بن عبد العزيز بن إسماعيل الطائي (603 702) (?) من مهاجرة الأندلسيين، غير أنه أختار تونس