ومن الأوس بن حارثة رجلان، وهما: أبو الهيثم مالك بن تيهان، وهو من بنى عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس بن حارثة؛ وعويم بن ساعدة، من بنى عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة.
فبايع هؤلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة على بيعة النساء، ولم يكونوا أمروا بالقتال بعد، فلما حان انصرافهم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم بن أم مكتوم؛ ومصعب بن عمير، يعلم من أسلم منهم القرآن والشرائع، ويدعو من لم يسلم إلى الإسلام. فنزل بالمدينة على أبى أمامة أسعد بن زرارة؛ وكان مصعب بن عمير يؤمهم. فجمع بهم أول جمعة بالإسلام، فى هزم حرة بنى بياضة، فى نقيع يقال له: نقيع الخضمات، وهم أربعون رجلا.
فأسلم على يد مصعب بن عمير خلق كثيرا من الأنصار؛ فأسلم فى جملتهم:
سعد بن معاذ، وأسيد بن الحضير، وأسلم بإسلامهما جميع بنى عبد الأشهل فى يوم واحد، الرجال والنساء، ما نعلمه تأخر عن الإسلام أحد منهم، حاشا الأصيرم، وهو عمرو بن ثابت بن وقش، فإنه تأخر إسلامه إلى أحد، فأسلم فاستشهد، ولم يسجد لله تعالى قط سجدة، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة. ولم يكن فى بنى عبد الأشهل منافق ولا منافقة، كانوا كلهم مخلصين، رضوان الله عليهم.
ولم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها مسلمون رجالا ونساء، حاشا بنى أمية بن زيد، وخطمة، وواقف، وهم بطون من الأوس، وكانوا سكانا فى عوالى المدينة، فأسلم منهم قوم، كان سيدهم أبو قيس صيفى بن الأسلت الشاعر، فتأخر إسلامه وتأخر إسلام قومه إلى أن مضت بدر وأحد والخندق، ثم أسلموا كلهم، والحمد لله رب العالمين.