مالك النصرى، فحشد من ذكرنا، وساق مع الكفار أموالهم وماشينهم ونساءهم وأولادهم، ليحموا بذلك فى القتال، فنزلوا بأوطاس.
فقال لهم دريد: مالى أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء؟ فقالوا: ساق مالك مع الناس أموالهم وعيالهم. فقال:
أين مالك؟ فقيل له: هو ذا. فسأله دريد: لم فعلت ذلك؟ فقال مالك:
ليكون مع الناس أهلهم وأموالهم فيقاتلوا عنهم. فقال له دريد: راعى ضأن والله، وهل يرد المنهزم شىء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسلاحه وإن كانت عليك فضحت فى أهلك ومالك.
ثم قال: ما فعل كعب وكلاب؟ قالوا: لم يشهدها منهم أحد. قال:
غاب الجد والحد، لو كان يوم علاء ورفعة لم يغب عنه كعب وكلاب، ولوددت أنكم فعلتم كما فعلت كعب وكلاب. فمن شهدها من بنى عامر؟
قالوا: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر. قال: ذانك الجذعان: عمرو ابن عامر وعوف بن عامر، لا ينفعان ولا يضران! يا مالك! إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن (?) إلى نحور الخيل شيئا، ارفعهم إلى ممتنع ديارهم، وعلياء قومهم، ثم الق الصباة على متون الخيل، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك. فأبى مالك ذلك، وخالفت هوازن دريدا واتبعوا مالك بن عوف، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده، ولم يغب عنى:
يا ليتنى فيها جذع ... أخب فيها وأضع