غزوة فتح مكة

فأقام عليه السلام بعد مؤتة جمادى ورجبا. ثم حدث الأمر الذى أوجب نقص عهد قريش المعقود يوم الحديبية، وهو: أن خزاعة كانت فى عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم: مؤمنها وكافرها، وكانت كفار بنى بكر بن عبد مناة ابن كنانة فى عقد قريش، فعدت بنو بكر بن عبد مناة على قوم من خزاعة، على ماء لهم يقال له: الوتير، بأسفل مكة. وكان سبب ذلك: أن رجلا يقال له: مالك بن عباد الحضرمى، حليفا لآل الأسود بن رزن، خرج تاجرا، فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، وذلك قبل الإسلام بمدة، فعدت بنو بكر بن عبد مناة، رهط الأسود بن رزن، على رجل من بنى خزاعة، فقتلوه بمالك بن عباد. فعدت خزاعة على سلمى وكلثوم وذؤيب، بنى الأسود بن رزن، فقتلوهم، وهؤلاء الإخوة أشراف بنى كنانة، كانوا يودون فى الجاهلية ديتين، ويودى سائر قومهم دية دية.

وكل هذه المقاتل قبل الإسلام؛ فلما جاء الإسلام حجز ما بين من ذكرنا، واشتغل الناس به. فلما كانت الهدنة المنعقدة يوم الحديبية أمن الناس بعضهم بعضا، فاغتنم بنو الديل من بنى بكر بن عبد مناة تلك الفرصة، وغفلة خزاعة، وأرادوا إدراك ثأر بنى الأسود بن رزن. فخرج نوفل بن معاوية الديلى بمن أطاعه من بنى بكر بن عبد مناة، وليس كلهم تابعه، جاء حتى بيت خزاعة، وهم على الوتير، فاقتتلوا، ورفدت قريش بنى بكر بالسلاح وأعانهم قوم من قريش بأنفسهم مستخفين، وانهزمت خزاعة إلى الحرم. فقال قوم نوفل بن معاوية: يا نوفل، الحرم، اتق الله إلهك. فقال الكافر: لا إله له اليوم، والله يا بنى كنانة إنكم لتسرقون فى الحرم، أفلا تدركون فيه ثأركم؟ فقتلوا رجلا من خزاعة يقال له: منبه، وانجحرت فى دور مكة، فدخلوا دار بديل بن ورقاء الخزاعى، ودار مولى لهم اسمه رافع، وكان هذا نقضا للعهد الواقع يوم الحديبية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015