مآب، وهى أرض بنى مآب المذكورين فى كتب بنى إسرائيل، وأنهم كانوا يغاورونهم فى أيام دولتهم، وأنهم من بنى لوط عليه السلام، وهى أرض البلقاء-: فى مائة ألف من الروم، ومائة ألف أخرى من نصارى أهل الشام من لخم، وجذام، وقبائل قضاعة: من بهراء وبلى وبلقين، وعليهم رجل من بنى إراشة من بلى، يقال له: مالك بن راقلة. فأقام المسلمون فى معان ليلتين، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا، فيأمرنا بأمره أو يمدنا. فقال عبد الله بن رواحة: يا قوم، إن الذى تكرهون للتى خرجتم تطلبون- يعنى الشهادة- وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة، وما نقاتلهم إلا بهذا الذى أكرمنا الله به، فانطلقوا فهى إحدى الحسنيين:

إما ظهور، وإما شهادة. فوافقه الجيش على هذا الرأى، ونهضوا، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء، لقوا الجموع التى ذكرناها مع هرقل إلى جنب قرية يقال لها: مشارف، وصار المسلمون فى قرية يقال لها: مؤتة، فجعل المسلمون على ميمنتهم قطبة بن قتادة العذرى، وعلى الميسرة عباية بن مالك الأنصارى، وقيل: عبادة. واقتتلوا، فقيل الأمير الأول: زيد بن حارثة، ملاقيا بصدره الرماح، والراية فى يده؛ فأخذها جعفر بن أبى طالب، ونزل عن فرس شقراء، وقيل: إنه عقرها، فقاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بيسراه، فقطعت، فاحتضنها، فقتل كذلك، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.

فأخذ عبد الله بن رواحة الراية، وتردد عن النزول بعض التردد، ثم صمم، فقاتل حتى قتل. فأخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بنى العجلان، وقال:

يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم. فقالوا: أنت؛ قال: لا.

فأخذها خالد بن الوليد، وانحاز بالمسلمين، فأنذر النبى صلى الله عليه وسلم بقتل الأمراء المذكورين قبل ورود الخبر، فى يوم قتلهم بعينه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015