ولما علم المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية أعتقوا كل ما كان فى أيديهم من بنى المصطلق، كرامة لمصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد أطلق بسببها مائة أهل بيت من قومها.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بنى المصطلق بعد إسلامهم بأزيد من عامين: الوليد بن عقبة بن أبى معيط مصدقا (?) ، فخرجوا ليتلقوه، ففزع، فرجع وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم هموا بقتله، فتكلم الناس فى غزوهم، ثم أتى وافدهم منكرا لرجوع مصدقهم، قبل أن يلقاهم، معرفين أنهم إنما خرجوا متلقين له مكرمين لوروده، فنزلت فى ذلك: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (?)
وفى مرجع الناس من غزوة بنى المصطلق قال أهل الإفك ما قالوا، وأنزل الله تعالى فى ذلك براءة عائشة أم المؤمنين رضوان الله عليها ما أنزل (?) .
وقد روينا من طرق صحاح: أن سعد بن معاذ كانت له فى شىء من ذلك مراجعة مع سعد بن عبادة، وهذا عندنا وهم، لأن سعد بن معاذ مات إثر فتح قريظة، بلا شك، وفتح بنى قريظة فى آخر ذى القعدة من السنة الرابعة من الهجرة، وغزوة بنى المصطلق فى شعبان من السنة السادسة، بعد سنة وثمانية أشهر من موت سعد، وكانت المقاولة بين الرجلين المذكورين بعد الرجوع من غزوة بنى المصطلق بأزيد من خمسين ليلة.
وذكر ابن إسحاق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله وغيره: أن المقاول لسعد بن عبادة إنما كان أسيد بن الحضير. وهذا هو الصحيح، والوهم لم يعر منه أحد من بنى آدم، إلا من عصم الله تعالى.