فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو، أحد بنى ساعدة، وهو الذى يلقب: المعنق ليموت، فى أربعين رجلا من المسلمين، وقد قيل فى سبعين من خيار المسلمين، منهم: الحارث بن الصمة، وحرام بن ملحان- أخو أم سليم، وهو خال أنس بن مالك- وعروة بن أسماء بن الصلت السلمى ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعى، وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر الصديق وغيرهم؛ فنهضوا فنزلوا بئر معونة، وهى بين أرض بنى عامر وحرة بنى سليم، ثم يعثوا منها حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، عامر بن الطفيل. فلما أتاه لم ينظر فى كتابه، ثم عدا عليه فقتله، ثم استنهض إلى قتال الباقين بنى عامر، فأبوا أن يجيبوه، لأن أبا براء أجارهم، فاستغاث عليهم بنى سليم، فنهضت معه عصية ورعل وذكوان، وهم قبائل من بنى سليم، فأحاطوا بهم، فقاتلوا، فقتلوا كلهم رضوان الله عليهم، إلا كعب بن زيد أخا بنى دينار بن النجار، فإنه ترك فى القتلى وفيه رمق، فارتث (?) من القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق رضوان الله عليه.

وكان عمرو بن أمية فى سرح المسلمين، ومعه المنذر بن محمد بن عقبة ابن أحيحة بن الجلاح، فنظر إلى الطير تحوم على العسكر، فنهضا إلى ناحية أصحابها، فإذا الطير تحوم على القتلى، والخيل التى أصابتهم لم تزل بعد؛ فقال المنذر بن محمد لعمرو بن أمية: فما ترى؟ فقال: أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره الخبر. فقال الأنصارى: ما كنت لأرغب بنفسى عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو. فقاتل حتى قتل، وأخذ عمرو بن أمية أسيرا، فلما أخبرهم أنه من مضر، جز ناصيته عامر بن الطفيل، وأطلقه عن رقبة كانت على أمه. وذلك لعشرين بقين من صفر مع الرجيع فى شهر واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015