جواز السجود قدام الصنم اختيارًا من أجل دعوة المشركين إلى الإسلام، وإنما يعذر من فعل ذلك خوفًا.
وبعد؛ فمن سجد قدام الصنم خوفًا كان معذورًا بالإكراه، ومن كان جاهلًا وسجد قدام الصنم متأوِّلًا تأليف المشركين من أجل دعوتهم= كان معذورًا للتأويل؛ فإنَّ تَعَمُّدَ السجود قدام الصنم حرام؛ بل هو كفرٌ؛ إذا كان إظهارًا لموافقة المشركين على شركهم، ولا يعذر في ذلك إلا من كان خائفًا أو متأولًا تأليفهم كما تقدم.
وكلامُ الشيخ صريحٌ بأنَّ كُفر الباطن أصلُ الكفر الظاهر، فما كان كفرًا من الأقوال والأعمال الظاهرة؛ كسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسجود للوثن؛ فإنه مستلزمٌ لكفر الباطن، ومعنى ذلك أن سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يصدر إلا عمَّن هو كافرٌ في الباطن كفرَ التكذيب أو كفر الإباء، وكذلك السجود للوثن لا يكون إلا مع كفر الباطن.
ولكن كون السجود للوثن؛ إنما يتعين بإقرار الساجد ولو كان كاذبًا، وكذلك إذا أظهر الموافقة للمشركين، كما إذا دعوه للسجود لصنمهم= فأجابهم، أو قاموا للسجود؛ فقام وسجد معهم= فكل هذه من أنواع الكفر الظاهر، ومَن صدرت منه= فهو كافر ظاهرًا وباطنًا إلا أن يكون مكرهًا؛ لقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ