والغائبين الذين يستغيثون بهم عند الكربات والملمات* ويعتقدون فيهم التصرف المطلق في الكائنات* كما أنهم يحاولون إثبات أن حياة الأموات بعينها حياة الأحياء، بل أقوى، وأن الموتى يسمعون نداء المستغيثين بهم في كل زمان ومكان، ويهتمون بوفاء النذور لهم أشد من أداء كل فريضة لله، كما أنهم ينفقون ملايين الملايين من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة- على بناء القبب والمساجد على قبور المستغاث بهم، كما ترونها في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها، وعربها وعجمها، وسهلها وجبالها، وتشاهدون أنهم يحجون إلى قبورهم من كل فج عميق، يعجون ويثجون، ويضرعون ويخشعون عند قبورهم، ولا سيما وقت مواسم موالدها* وأداء مناسك مشاهدها* كل ذلك لتحقيق الاستغاثة بهم لدفع الكربات* وجلب الخيرات*
ولذلك ترى القبورية يستدلون بعلم الغيب للأموات* وبتصرفهم في الكائنات، وبسماعهم للاستغاثات* وبحياتهم كحياة الأحياء، بل أقوى، لا كحياة الأموات* وبجميع ما يفتعلونه من الحكايات والأساطير والكرامات* على جواز الاستغاثة بهم بل على ترجيحها على الاستغاثة برب البريات* فيجعلون جميع تلك العقائد الوثنيات* أدلة على جواز الاستغاثة بالأموات*
ومن المعلوم عند المؤلف والمخالف: أن المقصد الأسمى، والغاية العظمى- إنما هو المدلول، والدعوى، والثمرة، والنتيجة،