{مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: 7] ،
وغيرها من الآيات الكريمات التي تدل على أن جميع الرسل عليهم السلام وعلى رأسهم أبو القاسم محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بشر، وأنهم في العوارض البشرية مثل سائر الناس، وأن لهم آباء وأبناء وأزواج، ومأكل ومشرب، وحوائج بشرية، وأنهم مركبون من اللحم والشحم والعظام.
التنبيه الثالث: أن هذه الآيات براهين باهرة، وسلاطين قاهرة على سفاهة البريلوية وغيرهم من القبورية - الذين يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نور لا بشر، وأنه لا ظل له؛ ومعنى ذلك أنه كان نورا حسيا شفافا كالزجاج، وتدل هذه الآيات أيضا على أن هؤلاء القبورية في اعتقادهم هذا على اعتقاد المشركين السابقين، وبينهم جميعا قدر مشترك في هذه العقيدة؛ وهو أن المشركين السابقين وهؤلاء القبورية يرون المنافاة بين البشرية والرسالة، هذا هو القدر المشترك، ولكن ههنا فارق بين المشركين السابقين وبين هؤلاء القبورية، وهو أن المشركين السابقين كانوا يشاهدون بشرية الرسل فلم يمكن إنكار بشريتهم؛ لأن إنكار الحس والمشاهدة لا يصدر إلا من مجنون.
ولكن أنكروا رسالتهم، لأن رسالتهم لم تكن من الأمور المحسوسة؛ فقالوا: أنتم بشر، فكيف تدعون الرسالة؟!؟ أما هؤلاء القبورية-