الشبهة الرابعة: تشبثت القبورية بحديث قرع النعال، وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحاب، وإنه ليسمع قرع نعالهم- أتاه ملكان فأقعداه ... » الحديث.
قالوا: إن هذا الحديث يدل على أن الأموات يسمعون، فثبت سماع الأموات* فجاز نداؤهم عند الكربات*.
الجواب: لقد أجاب علماء الحنفية بعدة أجوبة أذكر منها ثلاثة:
الجواب الأول: أن هذا الحديث غاية ما فيه أنه يدل على أن الميت يسمع قرع نعال الناس أول ما يوضع في القبر، فالدعوى أعم من الدليل، والدليل أخص من الدعوى؛ لأن الدعوى: أن الميت يسمع كل حين جميع أصوات المستغيثين به، فلا مطابقة بين المدعى وبين الدليل، وقالوا: لا بد أن يحمل هذا الحديث على أول وضع الميت في القبر جمعا بينه وبين قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، وقوله سبحانه: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ؛ لأنهما يفيدان تحقيق عدم سماعهم، فلا بد من حمل هذا الحديث على أول وضعه، دفعا للتعارض بين هاتين الآيتين وبين هذا الحديث.