أو لأن الله عز وجل حفظ سمعه من أن يصل إليه مثال هذا الدعاء، لغاية قبحه وثقله على سمع من هو في غاية العبودية لله سبحانه ... ؛ {وَلَوْ سَمِعُوا} على سبيل الفرض والتقدير- {مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} ؛ لأنهم لم يرزقوا قوة التكلم، والسماع لا يستلزم ذلك ... ) .
قلت: الحاصل: أنه قد تبين من هذه المباحث للحنفية أن الموتى لا يسمعون أصوات أهل هذا الكون من الأحياء، فبطل سعي المستغيثين بغير الله تعالى، لأن هؤلاء الأموات لا يسمعون نداءهم ودعاءهم فضلا عن أن يملكوا لهم من قطمير.
الوجه الثامن: استدلال علماء الحنفية الرادين على القبورية بقوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5-6] .
وطريق الاستدلال وتقريره بهاتين الآيتين على إبطال عقيدة القبورية في سماع الموتى - هو بعينه ما سبق في الوجه السابق من التمهيد الذي ذكره الحنفية: من أن هاتين الآيتين وأمثالهما في حق ذوي العقول الصالحين من الأنبياء