فكانوا يدعونهم وينادونهم على اعتقاد أنهم شفعاء لهم عند الله تعالى لا على اعتقاد أنهم هم المستقلون بالنفع والضر، المتصرفون في الكون بقدرتهم الذاتية، أو أنهم هم المالكون لهذا الكون؛ ثم اتخذوا على صورهم تماثيل وأصناما لتكون قبلة لعبادتهم لهؤلاء الصالحين؛ فكان المقصود عبادة هؤلاء الصالحين دون الأحجار والأصنام؛ فالقبورية الذين يقولون: " إن المشركين هم الذين كانوا يعبدون الحجارة، ومن لا يعبد الحجارة فليس بمشرك - فهم لا يعرفون معنى العبادة، ولا معنى الشرك، ولم يطلعوا على أحوال المشركين في القرون الخالية؛ نعم الأصل أن هذه الآيات وأمثالها كلها واردة في ذوي العقول من الأنبياء والملائكة والأولياء ولكن إن فرض أن من الناس من يعبد الأحجار والأصنام لذاتها- فهذه الآيات ترد عليهم بالطريق الأولى والأحرى.
هذا هو خلاصة ذلك التمهيد الذي حققه علماء الحنفية في تفسير هاتين الآيتين.
ثم قال هؤلاء الأعلام من الحنفية مستدلين بهاتين الآيتين على إبطال سماع الموتى: إذا تحقق أن هاتين الآيتين وأمثالهما في ذوي العقول من الصالحين كالأنبياء والأولياء-