وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} [فصلت: 33] ، لكن لم يقولوا ذلك؛ بل قالوا: " كما أن فعل ما فعله صلى الله عليه وسلم كان سنة كذلك ترك ما تركه صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي وعدم المانع منه كان سنة أيضا؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لما أمر بالأذان في الجمعة دون العيدين كان ترك الأذان فيهما سنة؛ وليس لأحد أن يزيده ويقول:
" هذا زيادة العمل الصالح لا يضر زيادته "؛ فيقال له: " هكذا تغيرت أديان الرسل وتبدلت شرائعهم، فإن الزيادة في الدين لو جازت؛ لجاز أن يصلي الفجر أربع ركعات والظهر ست ركعات؛ ويقال: " هذا زيادة عمل صالح لا يضر زيادته "؛ لكن ليس لأحد أن يقول ذلك؛ لأن ما يبديه المبتدع من المصلحة والفضيلة؛ إذا كان ثابتا في عصره صلى الله عليه وسلم، ومع هذا لم يفعله صلى الله عليه وسلم فيكون ترك مثل هذا الفعل سنة مقدمة على كل عموم وقياس؛ فمن عمل به مع اعتقاده أنه غير مشروع في الدين؛ يكون فاسقا غير مبتدع؛ وإن عمل به مع اعتقاده أنه مشروع في الدين؛ يكون فاسقا ومبتدعا؛ لأن الفسق أعم من البدعة؛ فكل بدعة فسق من غير عكس؛