قال الله تعالى {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] .
ولقد هدت لقمان الحكمة العميقة التي أكرمه الله تعالى وخصه بها؛ إلى أفحش الظلم أن يجود الإنسان على أحد بحق غيره؛ فمن أعطى حق الله لأحد خلقه فقد عمد إلى حق أكبر كبير؛ فأعطاه أذل ذليل وكان كرجل وضع تاج الملك على مفرق إسكاف؛ وأي جور أكبر من هذا الجور وأي ظلم أفحش من هذا الظلم؟ وليعلم يقينا أن كل مخلوق كبيرا كان أو صغيرا هو أذل من إسكاف أمام عظمة الله وجلالته؛ وقد دلت الآية وشهد بها الشرع والعقل السليم أن الشرك أقبح العيوب؛ وما زال الناس يعتبرون إساءة الأدب مع كبرائهم وسادتهم- أكبر عيب وأعظم خرق؛ فلما كان تبارك وتعالى أكبر من كل كبير كانت إساءة الأدب إليه والإشراك معه عيبا ليس فوقه عيب؛ وخرقا لا يفوقه خرق؛ وقد اتفقت جميع الشرائع على المنع من الشرك والأمر بالتوحيد وهو الصراط المستقيم وطريق النجاة؛ وكل ما عداها من طرق وسبل، فهي طرق الضلال والسبل المردية ... ؛ إن الله تعالى لا يقبل إلا خالصا مخلصا ليس لأحد فيه نصيب كما