فلا يستحق أحد أن يستعمل له تلك القوى والنعم دون الله الذي خلقها ثم للعبد على نفسه حق آخر وهو:
أن لا يذل نفسه ولا يبذلها في عبادة غير الله تعالى لئلا يستحق أليم عقاب الله تعالى ولكن المشرك يذل نفسه بعبادة غير الله تعالى ويوقعها في عذاب الله الأليم بسبب هذا الظلم العظيم وهكذا المشرك يمضي جميع عمره في الظلم إلى أن لا يخلو نفس من نفساته من الظلم العظيم الذي هو الشرك بالله العظيم.
الآيتان الثالثة والرابعة: في أن كل ذنب وظلم يرجى مغفرته بدون التوبة ما خلا الشرك.
قال جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 116] ، وقال أيضا:
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} .
قلت: هاتان الآيتان من قبيل القضايا التي قياساتها معها؛ فقد حذر الله تعالى المشركين بأنهم لا يغفر لهم بدون التوبة أبد الآبدين* وعوض العائضين* ودهر الداهرين * ثم علل ذلك بأن المشرك قد افترى على الله افتراء عظيما ما بعده افتراء وأنه ضل عن التوحيد ضلالا بعيدا ما بعده ضلال فاستحق بشركه الذي هو ظلم عظيم وذنب أكبر وافتراء أقبح