الكل والجزء وقال باتحادهما فقد هذى هذيان المحمومين * وانحط من عقلاء المجانين * وقد تبين من هذا أن توحيد الألوهية إذا وجد وجد توحيد الربوبية؛ لأن وجود الكل يستلزم وجود الجزء ولا عكس؛ فإن توحيد الربوبية قد وجد عند المشركين ومع ذلك هم مشركون في توحيد العبادة كما سبق تقريره غير مرة.
الوجه السابع والعشرون:
أن توحيد الربوبية دليل على توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية مدلول لتوحيد الربوبية؛ كما صرح بذلك علماء الحنفية؛ وهذا حجة وبرهان ودليل وسلطان على أن توحيد الألوهية غير توحيد الربوبية؛ أنه لا شك أن الدليل غير المدلول والمدلول غير الدليل؛ ومن زعم أن الدليل والمدلول شيء واحد فقد حكم على نفسه بالجنون * ولكن الجنون أنواع وفنون *.
فقد صرح علماء الحنفية أن الله تعالى احتج على المشركين لأجل اعترافهم بربوبيته وخالقيته ومالكيته في مواضع لا تحصى من كتابه ليوحدوه في ألوهيته؛ لأنهم يسلمون في الأول دون الثاني؛ فاحتج الله تعالى بالأول على الثاني ليسكتهم ويفحمهم ويلجئهم إلى الاعتراف بالثاني، وهذه طريقة محكمة غاية الإحكام في باب المناظرة.
وإليك نصين مهمين للعلامة الآلوسي (1342) في ذلك.