أنهم قادرون على النفع والضر والتدبير بذاتهم استقلالًا دون الحاجة إلى الله تعالى ودون إذن الله سبحانه، ودون عطاء الله تعالى لهم.
الوجه الحادي والعشرون:
أن المشركين لم يعبدوا الأحجار والأشجار لذاتها ولا اعتقدوا فيها الألوهية فضلًا عن الربوبية؛ فإن هذا لم يصدر عن عاقل قط؛ إذ لا يتصور أن ينحت الشخص حجرًا ونحوه ويجعله صنمًا ثم يعتقد فيه أنه إلهه فضلًا عن أن يعتقد فيه أنه خالقه ورازقه وربه.
الوجه الثاني والعشرون:
أن المشركين إنما أشركوا بالله تعالى شرك الشفاعة والتوسل إلى الله تعالى بعباده الصالحين؛ فظنوا أنهم لا يمكن لهم الوصول إلى الله تعالى مباشرة إلا بواسطة الصالحين الذين لهم مكانة عند الله، وأن الله تعالى لا يرد شفاعتهم لمنزلتهم عنده؛ وكانوا يقيسون الله تعالى بملوك الدنيا؛ فزعموا أنه كما لم يكن يمكن الوصول لعامة الناس إلى الملوك إلا بواسطة الأمراء والوزراء؛ فكذلك عامة العباد لا يمكن لهم الوصول إلى الله تعالى مباشرة إلا بواسطة عباد الله المقربين عنده، وعلى هذا الأساس صوروا لهم الصور ونحتوا لهم التماثيل تذكارًا لهم وجعلوها قبلة للتوجه إلى هؤلاء الصالحين المقربين، فكانوا على هذا الأساس يدعونهم ويستغيثون بهم في المهمات وينذرون لهم ويعبدونهم بأنواع العبادات؛ وهذه العقيدة الفاسدة في التوسل والواسطة والاستشفاع بعينها هي عقيدة القبورية اليوم