وهذا المعنى هو مرادُ من تكلم على أهمية العلل ودقته وقلة من برز فيه، وهو المعنى الذي يتكلم عليه من كتب في علوم الحديث، وقد أشار الحاكم في كتابه"معرفة علو م الحديث" (?) إلى هذا المعنى.
وهو نوعان:
النوع الأوّل: الاختلافُ في إسنادِ الحديثِ كرَفْعهِ ووقفهِ، ووصلهِ وإرسالهِ، ونحو ذلك، أو الاختلافُ في متنِ حديثٍ كاختصار المتن، أو الإدراجِ فيه، أو تغيير المعنى ونحو ذلك، وهذا النوعُ هو الغالبُ على"علل الدارقطني".
النوع الثاني: العلةُ الغامضةُ في إسنادٍ فَرْدٍ ظاهرهُ الصحة، وهذه العلةُ الغامضةُ لا يمكن أن يوضع لها ضابط محدد؛ لأنّ لها صوراً كثيرةً ومتعددةً، وفي بعضها دقة وغموض، لا يعلمها إلاّ حذاق هذا الفن، وهذا النوع يكثر في كلام النقاد المتقدمين، وهم العمدة في الكلام عليه إذْ إنهم-في الغالب- قد باشروا مكمن العلة والخطأ بأنفسهم: تارةً بسؤال الراوي ونقده مباشرةً، وتارةً بالرحلة لجمع طرق الحديث والنظر في موضع الخطأ وغير ذلك.
وسيأتي في الفصلِ الثاني - إنْ شاءَ الله - أمثلةٌ دقيقةٌ على هذين النوعين.