الاختلاف، إمّا في الإسناد، وإمّا في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع ونحو ذلك، وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث" (?) .

تنبيه:

ربما يُفْهَم من بعضِ الأقوال المتقدمة أنّ علم العلل يحصل في القلب من فراغ بدون عمل ولا طلب، وهذا الفهم غير مراد قطعاً، لكن لمَّا كان علم العلل خفياً ودقيقاً وبحاجةٍ إلى كثرةِ طلبٍ، وسعةِ حفظٍ، وجودةِ فكر ودقةِ نظر، وتوفيق من الله أولا وآخراً، -وهو ما توافر لأولئك النقاد- أصبح عند من لا يحسنه نوعٌ من الكهانة والإلهام.

وهذا التوجيه يتبين من مجموع أقوالهم وأحوالهم، فمن الخطأ أخذ جزء من الكلام وبناء الأحكام عليه، فلا بدّ من ضم الكلام بعضه إلى بعض ليتضح ويتبين المراد، ومما يوضح ذلك قول أبي حاتم لمّا قَالَ له السائل: تدَّعي الغيب؟ قَالَ قلت: ما هذا ادعاء الغيب، قال: فما الدليل على ما تقول؟ قلتُ: سلْ عما قلتُ من يحسن مثل ما أحسن فإن اتفقنا علمتَ أنَّا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم، قال: من هو الذي يحسن مثل ما تحسن؟ قلت: أبوزُرْعة ... " (?) فقول أبي حاتم" سلْ عما قلتُ من يحسن مثل ما أحسن" يدل على أنه علم يتعلم ويحسنُ معرفتَه من يأخذ بأسبابه، وكذلك قول عبد الرحمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015