وكلام الأئمة والنقاد في أهميةِ هذا العلم، وشرفهِ، وعزته ودقته كثير، ولعل ما تقدم كافٍ في بيان ذلك.
ومن خلال ما تقدم من النقول يتبين أنَّ أهمية علم العلل ترجع إلى عدة أسباب أبرزها أمران:
الأوَّل: قلةُ العلماء البارعين والمتمكنين من هذا الفن، لعدة أسباب:
1- أنَّ العلة أمر خفيّ فلا تدرك إلاّ بعد النظر الشديد، ومضي الزمن البعيد، وتقدم كلام علي بن المديني، والخطيب البغدادي في ذلك.
2- أنَّ معرفة العلة ومأخذها يحتاج إلى دقة فهم وجودة فكر ونظر، قال ابنُ دقيق العيد- بعد أن طوّل النفس على حديث ابن عباس مرفوعاً: "إذا وقع الرجل بأهله وهي حائض فليتصدق بنصف دينار" وبيَّن علله وناقشها-: "إذا تنبهت لهذه الدقائق التي ذكرناها في هذا الحديث ظهر لك احتياج هذا الفن إلى جودة الفكر والنظر، فإنَّ الأمر ليس بالهيِّن، لا كما يظنه قوم أنه مجرد حفظ ونقل لا يحتاج إلى غيرهما فيه" (?) .
3- الحاجة في هذا الفن إلى الحفظ الواسع، والتقصي في جمع الطرق، قال ابنُ المبارك: "إذا أردتَ أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض" (?) ، وقال علي بنُ المديني: "البابُ إذا لم تجمع طرقه لم يتبين