"معنى قوله تعالى: {إِلَّا لِنَعْلَمَ} ؛ أي علما يترتب عليه الثواب والعقاب، فلا ينافي كونه عالما به قبل وقوعه. وقد أشار تعالى إلى أنه لايستفيد بالاختبار علما جديدا؛ لأنه عالم بما سيكون حيث قال تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} 1؛ فقوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} بعد قوله: {وَلِيَبْتَلِيَ} دليل على أنه لايفيده الاختبار علما لم يكن يعلمه سبحانه وتعالى عن ذلك، بل هو تعالى عالم بكلّ ما سيعمله خلقه، وعالم بكلّ شيء قبل وقوعه، كما لاخلاف فيه بين المسلمين {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} 2 الآية3.
أما مرتبة الكتابة: فقد تحدث عنها الشيخ الأمين -رحمه الله- عند قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} 4 فقال: "ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن كل ما أصاب من المصائب في الأرض، كالقحط والجدب والجوائح في الزراعة والثمار، وفي الأنفس من الأمراض والموت كله مكتوب في كتاب قبل خلق الناس وقبل وجود المصائب"5.
وقال -رحمه الله- أيضا: "الشقي من كتب عليه الشقاء أزلا عند الله تعالى؛ فإنه جل وعلا قدر مقادير الخلق قبل أن يوجدوا، وصرف مشيئاتهم وأعمالهم إلى ما كتب. ولما سأل بعض أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم عن العمل أهو خطة مدبرة قد فرغ منها، أم هو أنف؟ قال صلى الله