ليوم القيامة، فتوزن أعمالهم وزناً في غاية العدالة والإنصاف، فلا يظلم الله أحداً شيئاً، وأنّ عمله من الخير أو الشر وإن كان في غاية القلة والدقة كمثقال حبة من خردل، فإنّ الله يأتي به؛ لأنه لا يخفى عليه شيء، وكفى به جل وعلا حاسباً لإحاطة علمه بكلّ شيء. وبين في غير هذا الموضع أنّ الموازين عند ذلك الوزن منها ما يخفّ، ومنها ما يثقل، وأنّ من خفت موازينه هلك، ومن ثقلت موازينه نجا"1.
ثمّ سرد -رحمه الله- الآيات الدالة على ذلك من القرآن الكريم كعادته في تفسير القرآن بالقرآن، ورجح -رحمه الله- تعدد الموازين، فقال: "وقوله في هذه الآية: {وَنَضَعُ الْمَوَازِين} جمع ميزان. وظاهر القرآن تعدد الموازين لكلّ شخص؛ لقوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} 2، وقوله: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} 3: فظاهر القرآن يدلّ على أنّ للعامل الواحد موازين يوزن بكلّ واحد منها صنف من أعماله4؛ كما قال الشاعر:
ملك تقوم الحادثات لعدله
فلكلّ حادثة لها ميزان
والقاعدة المقررة في الأصول: أنّ ظاهر القرآن لا يجوز العدول عنه إلا بدليل يجب الرجوع إليه. وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: "الأكثر على أنه إنما هو ميزان واحد، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة5"6.
وأثبت -رحمه الله- أنّ العامل يوزن، واستدلّ بحديث أبي هريرة رضي