الميت أوصى بالنوح عليه؛ كما قال طرفة بن العبد في معلقته:
إذا متّ فانعيني بما أنا أهله
وشقي عليّ الجيب يا ابنة معبد
لأنه إذا كان أوصى بأن يناح عليه، فتعذيبه بسبب إيصائه بالمنكر، وذلك من فعله لا فعل غيره. الثاني: أن يهمل نهيهم عن النوح عليه قبل موته، مع أنه يعلم أنهم سينوحون عليه؛ لأنّ إهماله نهيهم تفريط منه ومخالفة لقوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا} 1. فتعذيبه إذن بسبب تفريطه وتركه ما أمر به من قوله: {قُوا أَنْفُسَكُمْ} الآية. وهذا ظاهر كما ترى" 2.
قال عبد الله بن المبارك: "إذا كان ينهاهم في حياته ففعلوا شيئاً من ذلك بعد وفاته لم يكن عليه شيء. والعذاب عندهم يعني العقاب"3.
هذا عن كلام الشيخ الأمين -رحمه الله- عن عذاب القبر، أما نعيم القبر: فلم أجد له -رحمه الله- كلاماً في ذلك؛ إذ من دأبه -رحمه الله- أنه يفسر القرآن بالقرآن، ولم تأت مناسبة يتحدث فيها عن نعيم القبر.
ويكفي في إثبات عذاب القبر ونعيمه قوله صلى الله عليه وسلم: " إنّ أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي؛ إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار، فمن أهل النار فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة "4.